(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦))
قوله تعالى : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ) في هاء «به» ثلاثة أقوال : أحدها : أنها كناية عن القرآن. والثاني : عن تصريف الآيات. والثالث : عن العذاب.
قوله تعالى : (قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) فيه قولان :
أحدهما : لست حفيظا على أعمالكم لأجازيكم بها ، إنما أنا منذر ، قاله الحسن.
والثاني : لست حفيظا عليكم ، أخذكم بالإيمان ، إنما أدعوكم إلى الله تعالى ، قاله الزّجّاج.
فصل : وفي هذا القدر من الآية قولان : أحدهما : أنه اقتضى الاقتصار في حقّهم على الإنذار من غير زيادة ، ثم نسخ ذلك بآية السيف. والثاني : أن معناه : لست حفيظا عليكم ، إنما أطالبكم بالظواهر من الإقرار والعمل ، لا بالإسرار ؛ فعلى هذا هو محكم.
(لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧))
قوله تعالى : (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) أي : لكلّ خبر يخبر الله به وقت يقع فيه من غير خلف ولا تأخير. قال السّدّيّ : فاستقرّ نبأ القرآن بما كان يعدهم من العذاب يوم بدر. وقال مقاتل : منه في الدنيا يوم بدر ، وفي الآخرة جهنّم.
(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨))
قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا) فيمن أريد بهذه الآية ثلاثة أقوال : أحدها : المشركون. والثاني : اليهود. والثالث : أصحاب الأهواء. والآيات : القرآن. وخوض المشركين فيه : تكذيبهم به واستهزاؤهم ، ويقاربه خوض اليهود ، وخوض أهل الأهواء ، والمراء ، والخصومات.
قوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي : فاترك مجالستهم ، حتى يكون خوضهم في غير القرآن. (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ) وقرأ ابن عامر : «ينسّينّك» ، بفتح النون ، وتشديد السين ، والنون الثانية. ومثل هذا : غرّمته وأغرمته. وفي التنزيل : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ) (١) والمعنى : إذا أنساك الشيطان ، فقعدت معهم ناسيا نهينا لك ، فلا تقعد بعد الذّكرى. والذّكر والذّكرى : واحد. قال ابن عباس : قم إذا ذكرت ؛ والظّالمون : المشركون.
(وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩))
قوله تعالى : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) في سبب نزولها ثلاثة أقوال :
(٥٣٠) أحدها : أنّ المسلمين قالوا : لئن كنّا كلما استهزأ المشركون بالقرآن وخاضوا فيه
____________________________________
(٥٣٠) عزاه المصنف لابن عباس ولم أقف عليه وهو لا شيء لخلوه عن الإسناد.
__________________
(١) سورة الأعراف : ٥٥.