إيفاء الكيل والوزن ، خير من البخس ، قاله ابن عباس. والثاني : رزق الله خير لكم ، روي عن ابن عباس أيضا ، وبه قال سفيان. والثالث : طاعة الله خير لكم ، قاله مجاهد ، والزّجّاج. والرابع : حظّكم من الله خير لكم ، قاله قتادة. والخامس : رحمة الله خير لكم ، قاله ابن زيد. والسادس : وصيّة الله خير لكم ، قاله الرّبيع. والسابع : ثواب الله في الآخرة خير لكم ، قاله مقاتل. والثامن : مراقبة الله خير لكم ، ذكره الفرّاء. وقرأ الحسن البصريّ : «تقيّة الله خير لكم» بالتاء.
قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) شرط الإيمان في كونه خيرا لهم ، لأنهم إن كانوا مؤمنين بالله عزوجل ، عرفوا صحّة ما يقول. وفي قوله عزوجل : (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) ثلاثة أقوال : أحدها : ما أمرت بقتالكم وإكراهكم على الإيمان. والثاني : ما أمرت بمراقبتكم عند كيلكم لئلّا تبخسوا. والثالث : ما أحفظكم من عذاب الله إن نالكم.
قوله تعالى : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ) وقرأ حمزة ، والكسائيّ ، وخلف ، وحفص : «أصلاتك» على التّوحيد. وفي المراد بصلواته ثلاثة أقوال : أحدها : دينه ، قاله عطاء. والثاني : قراءته ، قاله الأعمش. والثالث : أنها الصّلوات المعروفة. وكان شعيب كثير الصلاة.
قوله تعالى : (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) قال الفرّاء : معنى الآية : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟
وفي معنى الكلام على قراءة من قرأ بالنون قولان : أحدهما : أنّ فعلهم في أموالهم هو البخس والتّطفيف ، قاله ابن عباس ؛ فالمعنى : قد تراضينا فيما بيننا بذلك.
والثاني : أنهم كانوا يقطعون الدّراهم والدّنانير ، فنهاهم عن ذلك ، قاله ابن زيد. وقال القرظيّ : عذّبوا في قطعهم الدّراهم. قال ابن الأنباري : وقرأ الضّحّاك بن قيس الفهريّ : «ما تشاء» بالتاء ، ونسق «أن تفعل» على «أن تترك» ، واستغنى عن الإضمار. قال سفيان الثّوريّ : في معنى هذه القراءة أنه أمرهم بالزّكاة فامتنعوا. وقرأ أبو عبد الرّحمن السّلمي ، والضّحّاك ، وابن أبي عبلة : «أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء» بالتاء فيهما (١) ؛ ومعنى هذه القراءة كمعنى قراءة الفهريّ.
وفي قوله تعالى : (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) أربعة أقوال :
أحدها : أنهم قالوه استهزاء به ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال قتادة ، والفرّاء.
والثاني : أنهم قالوا له : إنّك لأنت السّفيه الجاهل ، فكني بهذا عن ذلك ، ذكره الزّجّاج.
والثالث : أنهم سبّوه بأنه ليس بحليم ولا رشيد ، فأثنى الله عزوجل عليه فقال : بل إنك لأنت الحليم الرّشيد ، لا كما قال لك الكافرون ، حكاه أبو سليمان الدّمشقي عن أبي الحسن المصّيصي.
__________________
في الدنيا والآخرة أولى ، مع أن قوله (بَقِيَّتُ) إنما هي مصدر من قول القائل : «بقيت بقية من كذا» ، فلا وجه لتوجيه معنى ذلك إلا إلى : بقية الله التي أبقاها لكم ، مما لكم بعد وفائكم الناس حقوقهم ، خير لكم من بقيتكم من الحرام الذي يبقى لكم من ظلمكم الناس ، ببخسكم إياها في الكيل والوزن. اه.
(١) قال الطبري رحمهالله ٧ / ١٠١ : فمن قرأ ذلك كذلك ، فلا مؤونة فيه ، وكانت «أن» الثانية حينئذ معطوفة على «أن» الأولى.