(فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢))
قوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ). سبب نزولها.
(٧٩٥) أنّ كفّار قريش قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ) (١) فهمّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن لا يسمعهم عيب آلهتهم رجاء أن يتّبعوه ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل.
وفي معنى الآية قولان : أحدهما : فلعلّك تارك تبليغ بعض ما يوحى إليك من أمر الآلهة ، وضائق بما كلّفته من ذلك صدرك ، خشية أن يقولوا. لو لا أنزل عليه كنز. والثاني : فلعلّك لعظيم ما يرد على قلبك من تخليطهم تتوهّم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه من أمر ربّك. فأمّا الضّائق ، فهو بمعنى الضّيّق. قال الزّجّاج : ومعنى (أَنْ يَقُولُوا) : كراهية أن يقولوا. وإنّما عليك أن تنذرهم بما يوحى إليك ، وليس عليك أن تأتيهم باقتراحهم من الآيات.
قوله تعالى : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) فيه قولان : أحدهما : أنه الحافظ. والثاني : الشّهيد ، وقد ذكرناه في سورة آل عمران (٢).
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤))
قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) «أم» بمعنى «بل» ، و «افتراه» أتى به من قبل نفسه. (قُلْ فَأْتُوا) أنتم في معارضتي (بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) في البلاغة (مُفْتَرَياتٍ) بزعمكم ودعواكم (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) إلى المعاونة على المعارضة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في قولكم : «افتراه». (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) أي يجيبوكم إلى المعارضة فقد قامت الحجّة عليهم لكم. فإن قيل : كيف وحّد القول في قوله : «قل فأتوا» ثم جمع في قوله : «فإن لم يستجيبوا لكم»؟ فعنه جوابان : أحدهما : أنّ الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وحده في الموضعين ، فيكون الخطاب له بقوله «لكم» تعظيما ، لأنّ خطاب الواحد بلفظ الجميع تعظيم ، هذا قول المفسّرين. والثاني : أنه وحّد في الأول لخطاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم. وجمع في الثاني لمخاطبة النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قاله ابن الأنباري.
قوله تعالى : (فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) فيه قولان :
أحدهما : أنزله وهو عالم بإنزاله ، وعالم بأنه حقّ من عنده.
والثاني : أنزله بما أخبر فيه من الغيب ، ودلّ على ما سيكون وما سلف ، ذكرهما الزّجّاج.
____________________________________
(٧٩٥) عزاه المصنف لمقاتل ، وهو ابن سليمان إذا أطلق ، وهو ممن يضع الحديث ، فهذا خبر لا شيء.
__________________
(١) سورة يونس : ١٥.
(٢) عند الآية : ١٧٣.