(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (١٠١))
قوله تعالى : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال المفسّرون : قل للمشركين الذين يسألونك الآيات على توحيد الله : أنظروا بالتّفكّر والاعتبار ما ذا في السّماوات والأرض من الآيات والعبر التي تدلّ على وحدانيّته ونفاذ قدرته كالشّمس ، والقمر ، والنّجوم ، والجبال ، والشّجر ، وكلّ هذا يقتضي خالقا مدبّرا. (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) في علم الله.
(فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣))
قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ) قال ابن عباس : يعني كفّار قريش. (إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) قال ابن الأنباري : أي : مثل وقائع الله بمن سلف قبلهم ، والعرب تكني بالأيام عن الشّرور والحروب ، وقد تقصد بها أيام السّرور والأفراح إذا قام دليل بذلك.
قوله تعالى : (قُلْ فَانْتَظِرُوا) هلاكي (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) لنزول العذاب بكم. (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) من العذاب إذا نزل ، فلم يهلك قوم قطّ إلّا نجا نبيّهم والذين آمنوا معه. قوله تعالى : (كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) وقرأ يعقوب ، وحفص ، والكسائيّ في قراءته وروايته عن أبي بكر : «ننج المؤمنين» بالتّخفيف. ثم في هذا الإنجاء قولان :
أحدهما : ننجيهم من العذاب إذا نزل بالمكذّبين ، قاله الرّبيع بن أنس.
والثاني : ننجيهم في الآخرة من النار ، قاله مقاتل.
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥) وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦))
قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ) قال ابن عباس : يعني أهل مكّة (إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي) الإسلام (فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) وهي الأصنام (وَلكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي) يقدر أن يميتكم. وقال ابن جرير : معنى الآية : لا ينبغي لكم أن تشكّوا في ديني ، لأنّي أعبد الله الذي يميت وينفع ويضرّ ، ولا تستنكر عبادة من يفعل هذا ، وإنّما ينبغي لكم أن تشكّوا وتنكروا ما أنتم عليه من عبادة الأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع. فإن قيل : لم قال : (الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) ولم يقل : «الذي خلقكم»؟ فالجواب : أنّ هذا يتضمّن تهديدهم ، لأنّ ميعاد عذابهم الوفاة.
قوله تعالى : (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ) المعنى : وأمرت أن أقم وجهك ، وفيه قولان :
أحدهما : أخلص عملك. والثاني : استقم بإقبالك على ما أمرت به بوجهك.
وفي المراد بالحنيف ثلاثة أقوال. أحدها : أنه المتّبع ، قاله مجاهد. والثاني : المخلص ، قاله عطاء. والثالث : المستقيم ، قاله القرظيّ قوله تعالى : (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ) إن دعوته (وَلا