قوله تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا) قال ابن زيد : هذا خطاب للذين تابوا.
(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠٦))
قوله تعالى : «وآخرون مرجؤون» وقرأ نافع ، وحمزة ، والكسائيّ (مُرْجَوْنَ) بغير همز.
(٧٥٣) والآية نزلت في كعب بن مالك ، ومرارة بن الرّبيع ، وهلال بن أميّة ، وكانوا فيمن تخلّف عن تبوك من غير عذر ، ثم لم يبالغوا في الاعتذار كما فعل أبو لبابة وأصحابه ، ولم يوثقوا أنفسهم بالسّواري ؛ فوقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرهم ، ونهى الناس عن كلامهم ومخالطتهم حتى نزل قوله تعالى : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) (١).
قال الزّجّاج : «وآخرون» عطف على قوله : «ومن أهل المدينة» ، فالمعنى : منهم منافقون ، ومنهم «آخرون مرجون» أي : مؤخّرون ؛ و «إما» لوقوع أحد الشّيئين ، والله تعالى عالم بما يصير إليه أمرهم ، لكنه خاطب العباد بما يعلمون ، فالمعنى : ليكن أمرهم عندكم على الخوف والرّجاء. قوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي : عليم بما يؤول إليه حالهم ، حكيم بما يفعله بهم.
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٠٧))
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائيّ : «والذين» بواو ، وكذلك هي في مصاحفهم. وقرأ نافع ، وابن عامر : «الذين» بغير واو ، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشّام. قال أبو عليّ : من قرأ بالواو ، فهو معطوف على ما قبله ، نحو قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ) (٢) ، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ) (٣) (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) (٤) ، والمعنى : ومنهم الذين اتّخذوا مسجدا. ومن حذف الواو ، فعلى وجهين : أحدهما : أن يضمر ـ ومنهم الذين اتّخذوا ـ كقوله تعالى : (أَكَفَرْتُمْ) ، المعنى : فيقال لهم : أكفرتم. والثاني : أن يضمر الخبر بعد ، كما أضمر في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٥) المعنى : ينتقم منهم ويعذّبون.
(٧٥٤) قال أهل التّفسير : لمّا اتّخذ بنو عمرو بن عوف مسجد قباء ، وبعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ،
____________________________________
(٧٥٣) أخرجه الطبري ١٧١٨٩ عن ابن عباس بسند فيه مجاهيل. ورد من وجه آخر بنحوه. أخرجه الطبري ١٧١٨٨.
وفيه إرسال بين علي بن أبي طلحة وابن عباس. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٥٢٦ بدون ذكر السند.
(٧٥٤) عزاه الحافظ في «تخريجه» ٢ / ٣٠٩ للثعلبي فقال : لم أجده بهذا السياق إنما في الثعلبي بلا إسناد. وليس صدره بصحيح ، فإن مسجد قباء كان قد أسس والنبي صلىاللهعليهوسلم بقباء أول ما هاجر ، وبني مسجد الضرار وكان في غزوة تبوك وبينهما تسع سنين ا. ه وذكره البغوي في «تفسيره» ٢ / ٢٧٤ ـ ٢٧٥ مطولا بدون إسناد ولم يذكر صدره ، وبنحوه ورد صدره عن ابن عباس أخرجه الطبري ١٧٢٠٢ وفيه عطية العوفي واه ، وعنه مجاهيل
__________________
(١) سورة التوبة : ١١٨.
(٢) سورة التوبة : ٧٥.
(٣) سورة التوبة : ٥٨.
(٤) سورة التوبة : ٦١.
(٥) سورة الحج : ٢٥.