إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

زاد المسير في علم التفسير [ ج ٢ ]

زاد المسير في علم التفسير [ ج ٢ ]

254/595
*

أنه التّوحيد. والثاني : القرآن. والثالث : تبيان الفرائض. فأمّا دين الحق ، فهو الإسلام. وفي قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ) قولان : أحدهما : أنّ الهاء عائدة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فالمعنى : ليعلّمه شرائع الدّين كلّها ، فلا يخفى عليه منها شيء ، قاله ابن عباس. والثاني : أنها راجعة إلى الدّين. ثمّ في معنى الكلام قولان : أحدهما : ليظهر هذا الدّين على سائر الملل. ومتى يكون ذلك؟ فيه قولان : أحدهما : عند نزول عيسى عليه‌السلام ، فإنّه يتبعه أهل كلّ دين ، وتصير الملل واحدة ، فلا يبقى أهل دين إلّا دخلوا في الإسلام أو أدّوا الجزية ، قاله أبو هريرة ، والضّحّاك. والثاني : أنه عند خروج المهديّ. قاله السّدّيّ. والقول الثاني : أنّ إظهار الدّين إنّما هو بالحجج الواضحة ، وإن لم يدخل الناس فيه.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤))

قوله تعالى : (إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ) الأحبار من اليهود ، والرّهبان من النّصارى. وفي الباطل أربعة أقوال : أحدها : أنه الظّلم ، قاله ابن عباس. والثاني : الرّشا في الحكم ، قاله الحسن. والثالث : الكذب ، قاله أبو سليمان. والرابع : أخذه من الجهة المحظورة ، قاله القاضي أبو يعلى : والمراد : أخذ الأموال ، وإنما ذكر الأكل لأنه معظم المقصود من المال. وفي المراد بسبيل الله ها هنا قولان : أحدهما : الإيمان برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قاله ابن عباس ، والسّدّيّ. والثاني : أنه الحقّ في الحكم. قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال (١) : أحدها : أنها نزلت عامّة في أهل الكتاب والمسلمين ، قاله أبو ذرّ ، والضّحّاك. والثاني : أنها خاصّة في أهل الكتاب ، قاله معاوية بن أبي سفيان. والثالث : أنها في المسلمين ، قاله ابن عباس ، والسّدّيّ. وفي الكنز المستحقّ عليه هذا الوعيد ثلاثة أقوال : أحدها : أنه ما لم تؤدّ زكاته.

(٦٩٤) قال ابن عمر : كلّ مال أدّيت زكاته وإن كان تحت سبع أرضين فليس بكنز ، وكلّ مال لا

____________________________________

(٦٩٤) موقوف صحيح. وورد مرفوعا وهو ضعيف جدا. أخرجه البيهقي ٤ / ٨٢ بإسناد صحيح عن ابن عمر موقوفا ، وقال هذا هو الصحيح موقوف ، وقد روى سويد بن عبد العزيز وليس بالقوي مرفوعا ، ثم ساق إسناده اه.

وسويد هذا ضعيف متروك الحديث. وتوبع فقد أخرجه البيهقي ٤ / ٨٣ من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا وقال : ليس هذا بمحفوظ ، والمشهور عن ابن عمر موقوفا. اه. وفي إسناده محمد بن كثير المصيصي الثقفي وهو ضعيف ، فالراجح الوقف عليه ، كما قال البيهقي رحمه‌الله. وأخرجه الطبري ١٦٦٦٨ عن ابن عمر وكرره ١٦٦٦٦ بنحوه. انظر «تفسير ابن كثير» بتخريجنا عند هذه الآية.

__________________

(١) قال القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» ٨ / ١١٣ : اختلفت الصحابة في المراد بهذه الآية ، فذهب معاوية إلى أن المراد بها أهل الكتاب ، وإليه ذهب الأصم ، لأن قوله (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ) مذكور بعد قوله (إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ ...). وقال أبو ذر وغيره : المراد بها أهل الكتاب وغيرهم من المسلمين وهو الصحيح ، لأنه لو أراد أهل الكتاب خاصة لقال : ويكنزون ، بغير «والذين» فلما قال «والذين» فقد استأنف معنى آخر يبين أنه عطف جملة على جملة ، فالذين يكنزون كلام مستأنف وهو رفع على الابتداء.