لا يجوز للإمام أن ينقص من ذلك ، وله أن يزيد.
فصل : ووقت وجوب الجزية : آخر الحول ، وبه قال الشّافعيّ. وقال أبو حنيفة : تجب في أول الحول. فأما إذا دخلت سنة في سنة ، فهل تسقط جزية السّنة الماضية؟ عندنا لا تسقط ، وقال أبو حنيفة : تسقط. فأما إذا أسلم ، فإنها تسقط بالإسلام. فأمّا إن مات ؛ فكان ابن حامد يقول : لا تسقط. وقال القاضي أبو يعلى : يحتمل أن تسقط.
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١))
قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة : «عزير ابن الله» بغير تنوين. وقرأ عاصم ، والكسائيّ ، ويعقوب ، وعبد الوارث عن أبي عمرو : منوّنا. قال مكّي بن أبي طالب : من نوّن عزيرا رفعه على الابتداء ، و «ابن» خبره. ولا يحسن حذف التّنوين على هذا من «عزير» لالتقاء السّاكنين. ولا تحذف ألف «ابن» من الخطّ ، ويكسر التنوين لالتقاء السّاكنين. ومن لم ينوّن «عزيرا» جعله أيضا مبتدأ ، و «ابن» صفة له ؛ فيحذف التّنوين على هذا استخفافا لالتقاء السّاكنين ، ولأنّ الصّفة مع الموصوف الشيء الواحد ، وتحذف ألف «ابن» من الخطّ ، والخبر مضمر تقديره : عزير بن الله نبيّنا وصاحبنا.
(٦٩٢) وسبب نزولها أن سلام بن مشكم ، ونعمان بن أوفى ، وشاس بن قيس ، ومالك بن الصّيف ، أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : كيف نتّبعك وقد تركت قبلتنا ، وأنت لا تزعم أنّ عزير ابن الله؟ فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس. وقال ابن عمر ، وابن جريج : إنّ القائل لذلك فنحاص.
فأما عزير ، فقال شيخنا أبو منصور اللغوي : هو اسم أعجميّ معرب ، وإن وافق لفظ العربية ، فهو عبرانيّ ؛ كذا قرأته عليه. وقال مكّيّ بن أبي طالب : العزير عند كلّ النّحويين : عربيّ مشتق من قوله : يعزّروه. وقال ابن عباس : إنّما قالوا ذلك ، لأنهم لمّا عملوا بغير الحقّ ، أنساهم الله التّوراة ، ونسخها من صدورهم ، فدعا عزير الله تعالى ؛ فعاد إليه الذي نسخ من صدورهم ، ونزل نور من السماء فدخل جوفه ، فأذّن في قومه فقال : قد آتاني الله التّوراة ؛ فقالوا : ما أوتيها إلّا لأنه ابن الله. وفي رواية أخرى عن ابن عباس : أنّ بختنصّر لمّا ظهر على بني إسرائيل ، وهدم بيت المقدس ، وقتل من قرأ التّوراة ، كان عزير غلاما ، فتركه. فلما توفّي عزير ببابل ، ومكث مائة عام ، ثم بعثه الله تعالى إلى بني إسرائيل ، فقال : أنا عزير ؛ فكذّبوه وقالوا : قد حدّثنا آباؤنا أنّ عزيرا مات ببابل ، فإن كنت عزيرا فأملل علينا التّوراة ؛ فكتبها لهم ؛ فقالوا : هذا ابن الله. وفي الذين قالوا هذا عن عزير ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم
____________________________________
(٦٩٢) ضعيف. أخرجه الطبري ١٦٦٣٥ عن ابن عباس ، وإسناده ضعيف فيه محمد بن أبي محمد ، وهو مجهول.
وانظر «تفسير البغوي» ١٠٥٧ بتخريجنا.