وفي «لعل» قولان : أحدهما : أنها بمعنى التّرجّي ، المعنى : ليرجى منهم الانتهاء ، قاله الزّجّاج. والثاني : أنّها بمعنى : «كي» ، قاله أبو سليمان الدّمشقي.
(أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥))
قوله تعالى : (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً) قال الزّجّاج : هذا على وجه التّوبيخ ، ومعناه الحضّ على قتالهم. قال المفسّرون : وهذا نزل في نقض قريش عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي عاهدهم بالحديبية حيث أعانوا على خزاعة.
وفي قوله تعالى : (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) قولان : أحدهما : أنهم أبو سفيان في جماعة من قريش ، كانوا فيمن همّ بإخراج الرّسول صلىاللهعليهوسلم من مكّة. والثاني : أنهم قوم من اليهود ، غدروا برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ونقضوا عهده وهمّوا بمعاونة المنافقين على إخراجه من المدينة.
قوله تعالى : (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فيه قولان : أحدهما : بدءوكم بإعانتهم على حلفائكم ، قاله ابن عباس. والثاني : بالقتال يوم بدر ، قاله مقاتل.
قوله تعالى : (أَتَخْشَوْنَهُمْ) قال الزّجّاج : أتخشون أن ينالكم من قتالهم مكروه؟! فمكروه عذاب الله أحقّ أن يخشى إن كنتم مصدّقين بعذابه وثوابه.
قوله تعالى : (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) قال ابن عباس ، ومجاهد : يعني خزاعة.
قوله تعالى : (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) أي : كربها ووجدها بمعونة قريش بني بكر عليها.
قوله تعالى : (وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) قال الزّجّاج : هو مستأنف وليس بجواب «قاتلوهم».
وفيمن عني به قولان : أحدهما : بنو خزاعة ، والمعنى : ويتوب الله على من يشاء من بني خزاعة ، قاله عكرمة. والثاني : أنه عامّ في المشركين كما تاب على أبي سفيان ، وعكرمة ، وسهيل. (وَاللهُ عَلِيمٌ) بنيّات المؤمنين ، (حَكِيمٌ) فيما قضى.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦))
قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا) في المخاطب بهذا قولان : أحدهما : أنهم المؤمنون ، خوطبوا بهذا حين شقّ على بعضهم القتال ، قاله الأكثرون. والثاني : أنهم قوم من المنافقين كانوا يسألون رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخروج معه إلى الجهاد تعذيرا ، قاله ابن عباس. وإنما دخلت الميم في الاستفهام ، لأنه استفهام معترض في وسط الكلام ، فدخلت لتفرّق بينه وبين الاستفهام المبتدأ. قال الفرّاء : ولو أريد به الابتداء ، لكان إمّا بالألف ، أو ب «هل» ، ومعنى الكلام : أن يتركوا بغير امتحان يبين به الصادق من