الكتاب أنّه سيحلّ لكم الغنائم لمسّكم فيما تعجّلتم من المغانم والفداء يوم بدر قبل أن تؤمروا بذلك عذاب عظيم ، روى هذا المعنى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل. وقال أبو هريرة : تعجّل ناس من المسلمين فأصابوا الغنائم ، فنزلت الآية. والثاني : لو لا كتاب من الله سبق أنّه لا يعذّب من أتى ذنبا على جهالة لعوقبتم ، روى هذا المعنى عطاء عن ابن عباس ، وابن جريج عن مجاهد. وقال ابن إسحاق : سبق أن لا أعذّب إلّا بعد النّهي ، ولم يكن نهاهم. والثالث : لو لا ما سبق لأهل بدر أنّ الله لا يعذّبهم ، لعذّبتم ، قاله الحسن ، وابن جبير ، وابن أبي نجيح عن مجاهد. والرابع : لو لا كتاب من الله سبق من أنّه يغفر لمن عمل الخطايا ثمّ علم ما عليه فتاب ، ذكره الزّجّاج. والخامس : لو لا القرآن الذي اقتضى غفران الصّغائر ، لعذّبتم ، ذكره الماوردي. فيخرج في الكتاب قولان : أحدهما : أنه كتاب مكتوب حقيقة. ثمّ فيه قولان : أحدهما : أنه ما كتبه الله في اللوح المحفوظ. والثاني : أنه القرآن. والثاني : أنه بمعنى القضاء.
(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٠))
قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ) قال الزّجّاج : الفاء للجزاء. والمعنى : قد أحللت لكم الفداء فكلوا. والحلال منصوب على الحال.
(٦٦٠) قال مقاتل : إنّ الله غفور لما أخذتم من الغنيمة قبل حلّها ، رحيم بكم إذ أحلّها لكم ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمر بن الخطّاب ، وخبّاب بن الأرتّ يوم بدر على القبض ، وقسمها النبيّ صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ، وانطلق بالأسارى ، فيهم العبّاس ، وعقيل ، ونوفل بن الحارث بن عبد المطّلب. وكان مع العبّاس يومئذ عشرون أوقيّة من ذهب ، فلم تحسب له من فدائه ، وكلّف أن يفدي ابني أخيه ، فأدّى عنهما ثمانين أوقيّة من ذهب. وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أضعفوا على العبّاس الفداء» فأخذوا منه ثمانين أوقيّة ، وكان فداء كلّ أسير أربعين أوقيّة. فقال العبّاس لرسول الله : لقد تركتني ما حييت أسأل قريشا بكفّيّ. فقال له : «أين الذّهب الذي تركته عند أمّ الفضل»؟ فقال : أي الذّهب؟ فقال : «إنّك قلت لها : إنّي لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا ، فإن حدث بي حدث ، فهو لك ولولدك» فقال : ابن أخي ، من أخبرك؟ فقال : «الله أخبرني» ، فقال العباس : أشهد أنّك صادق ، وما علمت أنّك رسول الله قبل اليوم ؛ وأمر ابني أخيه فأسلما. وفيهم نزلت : (قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) الآية. وروى العوفيّ عن ابن عباس أنها نزلت في جميع من أسر يوم بدر.
(٦٦١) وقال ابن زيد : لما بعث رسول الله أتاه رجال ، فقالوا : لو لا أنّا نخاف هؤلاء القوم
____________________________________
(٦٦٠) عزاه المصنف لمقاتل وهو ساقط ليس بشيء. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٨٩ عن الكلبي تعليقا والكلبي متروك متهم ، وأكثر هذا المتن أخرجه البيهقي في «الدلائل» ٣ / ١٤٢ عن ابن إسحاق عن يزيد بن رومان والزهري وعروة ، وهذه مراسيل وبعضه أخرجه ٣ / ١٤٣ عن ابن عباس بسند فيه إرسال وله شواهد.
الخلاصة : عامة هذا الخبر له شواهد. انظر الطبري ١٦٣٣٥ ـ ١٦٣٤١.
(٦٦١) عزاه المصنف لابن زيد ، واسمه عبد الرحمن ، وهذا مرسل ، وابن زيد ضعيف ، فالخبر واه.