ساجِدِينَ) (١) ، وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) (٢) ، وقوله تعالى : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٣) ، قال الشاعر :
تمزّزتها والدّيك يدعو صباحه |
|
إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا (٤) |
وأنشد ثعلب لعبدة بن الطّبيب :
إذ أشرف الدّيك يدعو بعض أسرته |
|
لدى الصّباح وهم قوم معازيل (٥) |
لمّا جعله يدعو ، جعل الدّيكة قوما ، وجعلهم معازيل ، وهم الذين لا سلاح معهم ، وجعلهم أسرة ؛ وأسرة الرجل : رهطه وقومه.
(وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢))
قوله تعالى : (وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً) يقول : إنّ الأصنام لا تستطيع نصر من عبدها ، ولا تمنع من نفسها.
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣))
قوله تعالى : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) فيه قولان : أحدهما : أنّها ترجع إلى الأصنام ، فالمعنى : وإن دعوتم أيّها المشركون أصنامكم إلى سبيل رشاد لا يتّبعوكم ، لأنهم لا يعقلون. والثاني : أنها ترجع إلى الكفّار ، فالمعنى : وإن تدع يا محمّد هؤلاء المشركين إلى الهدى ، لا يتّبعوكم ، فدعاؤكم إيّاهم وصمتكم عنهم سواء ، لأنّهم لا ينقادون إلى الحقّ. وقرأ نافع «لا يتبعوكم» بسكون التاء.
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥) إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦))
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) يعني الأصنام (عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) في أنّهم مسخّرون مذلّلون لأمر الله. وإنّما قال «عباد» وقال : (فَادْعُوهُمْ) ، وإن كانت الأصنام جمادا ، لما بيّنا عند قوله تعالى : (وَهُمْ يُخْلَقُونَ).
قوله تعالى : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) أي : فليجيبوكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أنّ لكم عندهم نفعا وثوابا. (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها) في المصالح (أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها) في دفع ما يؤذي. وقرأ أبو
__________________
(١) سورة يوسف : ٤.
(٢) سورة النمل : ١٨.
(٣) سورة يس : ٤.
(٤) البيت منسوب إلى النابغة الجعدي في «اللسان» نعش. تمززتها : شربتها قليلا قليلا.
(٥) البيت في «المفضليات» : ١٤٣. والمعازيل : العزل في السلاح.