عباس : بلعم بن باعوراء. وروي عنه : أنه بلعام بن باعور ، وبه قال مجاهد ، وعكرمة ، والسّدّيّ. وروى العوفيّ عن ابن عباس أن بلعما من أهل اليمن. وروى عنه ابن أبي طلحة أنه من مدينة الجبّارين.
(٥٩٢) والثاني : أنه أميّة بن أبي الصّلت ، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص ، وسعيد بن المسيّب ، وأبو روق ، وزيد بن أسلم ، وكان أميّة قد قرأ الكتاب ، وعلم أنّ الله مرسل رسولا ، ورجا أن يكون هو ، فلما بعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، حسده وكفر.
والثالث : أنه أبو عامر الرّاهب ، روى الشّعبيّ عن ابن عباس قال : الأنصار تقول : هو الرّاهب الذي بني له مسجد الشّقاق ، وروي عن ابن المسيّب نحوه. والرابع : أنه رجل كان في بني إسرائيل ، أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهنّ ، وكانت له امرأة له منها ولد ، وكانت سمجة دميمة ، فقالت أدع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فدعا الله لها ، فلما علمت أن ليس في بني إسرائيل مثلها ، رغبت عن زوجها وأرادت غيره ، فلمّا رغبت عنه ، دعا الله أن يجعلها كلبة نبّاحة ، فذهبت منه فيها دعوتان ، فجاء بنوها وقالوا : ليس بنا على هذا صبر أن صارت أمّنا كلبة نباحة يعيّرنا الناس بها ، فادع الله أن يردّها إلى الحال التي كانت عليها أوّلا ، فدعا الله ، فعادت كما كانت ، فذهبت فيها الدّعوات الثلاث ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، والذي روي لنا في هذا الحديث «وكانت سمجة» بكسر الميم ، وقد روى سيبويه عن العرب أنّهم يقولون : رجل سمج : بتسكين الميم ، ولم يقولوا : سمج ؛ بكسرها. والخامس : أنه المنافق ، قاله الحسن. والسادس : أنه كلّ من انسلخ من الحق بعد أن أعطيه من اليهود والنّصارى والحنفاء ، قاله عكرمة.
وفي الآيات خمسة أقوال (١) : أحدها : أنه اسم الله الأعظم ، رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال ابن جبير. والثاني : أنّها كتاب من كتب الله عزوجل. روى عكرمة عن ابن عباس قال : هو بلعام ، أوتي كتابا فانسلخ منه. والثالث : أنه أوتي نبوّة ، فرشاه قومه على أن يسكت ، ففعل ، وتركهم على ما هم عليه ، قاله مجاهد ، وفيه بعد ، لأنّ الله تعالى لا يصطفي لرسالته إلّا معصوما عن مثل هذه الحال. والرابع : أنّها حجج التّوحيد ، وفهم أدلّته. والخامس : أنّها العلم بكتب الله عزوجل. والمشهور في التفسير أنه بلعام وكان من أمره على ما ذكره المفسّرون أنّ موسى عليهالسلام غزا البلد الذي هو فيه ، وكانوا كفّارا ، وكان هو مجاب الدّعوة ، فقال ملكهم : ادع على موسى ، فقال : إنه من أهل ديني ،
____________________________________
(٥٩٢) موقوف. أخرجه الطبري ١٥٤١٣ و ١٥٤١٤ و ١٥٤١٥ و ١٥٤١٧ عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
__________________
(١) قال الطبري في «تفسيره» ٦ / ١٢٢ : وكذلك «الآيات» إن كانت بمعنى الحجة التي هي بعض كتب الله التي أنزلها على بعض أنبيائه فتعلمها الذي ذكره الله في هذه الآية. وعناه بها. فجائز أن يكون الذي كان «بلعم» وجائز أن يكون «أمية» ، لأن «أمية» كان فيما يقال : قد قرأ من كتب أهل الكتاب. وإن كانت بمعنى كتاب أنزله الله على من أمر نبي الله عليهالسلام أن يتلو على قومه نبأه ، أو بمعنى اسم الله الأعظم ، أو بمعنى النبوة فغير جائز أن يكون معنيا به «أمية» لأن «أمية» لا تختلف الأمة في أنه لم يكن أوتي شيئا من ذلك ، ولا خبر بأي ذلك المراد ، وأي الرجلين المعني ، يوجب الحجة ، ولا في العقل دلالة على أي ذلك المعني به من أي. فالصواب أن يقال فيه ما قال الله. ونقر بظاهر التنزيل على ما جاء به الوحي من الله. ا. ه.