قوله تعالى : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) أي : من نزول العذاب (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في أنّ العذاب نازل بنا. وقال عطاء : في نبوّتك وإرسالك إلينا.
(قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١) فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ (٧٢))
قوله تعالى : (قالَ قَدْ وَقَعَ) أي وجب عليكم (مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ) قال ابن عباس : عذاب وسخط. وقال أبو عمرو بن العلاء : الرّجز والرّجس بمعنى واحد ، قلبت السين زايا. قوله تعالى : (أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) يعني : الأصنام. وفي تسميتهم لها قولان : أحدهما : أنّهم سمّوها آلهة. والثاني : أنّهم سمّوها بأسماء مختلفة. والسّلطان : الحجّة : (فَانْتَظِرُوا) نزول العذاب (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) الذي يأتيكم من العذاب في تكذيبكم إيّاي.
(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٧٤))
قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ) قال أبو عمرو بن العلاء : سمّيت ثمود لقلّة مائها. قال ابن فارس : الثّمد : الماء القليل الذي لا مادّة له.
قوله تعالى : (هذِهِ ناقَةُ اللهِ) في إضافتها إليه قولان : أحدهما : أنّ ذلك للتّخصيص والتّفضيل ، كما يقال : بيت الله. والثاني : لأنّها كانت بتكوينه من غير سبب.
قوله تعالى : (لَكُمْ آيَةً) أي : علامة تدلّ على قدرة الله ؛ وإنّما قال : «لكم» لأنّهم هم الذين اقترحوها ، وإن كانت آية لهم ولغيرهم. وفي وجه كونها آية قولان : أحدهما : أنّها خرجت من صخرة ملساء ، فتمخّضت بها تمخّض الحامل ، ثمّ انفلقت عنها على الصّفة التي طلبوها. والثاني : أنّها كانت تشرب ماء الوادي كلّه في يوم ، وتسقيهم اللبن مكانه.
قوله تعالى : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) قال ابن الأنباري : ليس عليكم مؤنتها وعلفها. و «تأكل» مجزوم على جواب الشّرط المقدّر ، أي : إن تذروها تأكل.
قوله تعالى : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) ، أي : لا تصيبوها بعقر.
قوله تعالى : (وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي : أنزلكم ؛ يقال : تبوّأ فلان منزلا : إذا نزله. وبوّأته : أنزلته. قال الشاعر :
وبوّئت في صميم معشرها |
|
فتمّ في قومها مبوّؤها (١) |
__________________
(١) البيت منسوب لإبراهيم بن هرمة في «مجاز القرآن» ١ / ٢١٨ و «اللسان» بوأ.