أراد : أرى ابن الخطفى ، فاكتفى بالخطفى من ابنه.
قوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ) يعني أولاد آدم المخالفين وقرناءهم من الشّياطين.
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ (٢٠))
قوله تعالى : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ) قيل : إنّ الوسوسة : إخفاء الصّوت. قال ابن فارس : الوسواس : صوت الحليّ ، ومنه وسواس الشّيطان. و «لهما» بمعنى «إليهما» ، (لِيُبْدِيَ لَهُما) أي : ليظهر لهما (ما وُورِيَ عَنْهُما) أي : ستر. وقيل : إنّ لام «ليبدي» لام العاقبة ؛ وذلك أنّ عاقبة الوسوسة أدّت إلى ظهور عورتهما ، ولم تكن الوسوسة لظهورها.
قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ) قال الأخفش ، والزّجّاج : معناه : ما نهاكما إلّا كراهة أن تكونا ملكين. وقال ابن الأنباري : المعنى : إلّا أن لا تكونا ، فاكتفى ب «أن» من «لا» فأسقطها.
فإن قيل : كيف انقاد آدم لإبليس ، مستشرفا إلى أن يكون ملكا ، وقد شاهد الملائكة ساجدة له؟ فعنه جوابان : أحدهما : أنه عرف قربهم من الله ، واجتماع أكثرهم حول عرشه ، فاستشرف لذلك ، قاله ابن الأنباري. والثاني : أنّ المعنى : إلّا أن تكونا طويلي العمر مع الملائكة (أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ) لا تموتان أبدا ، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ. وقد روى يعلى بن حكيم عن ابن كثير : «أن تكونا ملكين» بكسر اللام ، وهي قراءة الزّهريّ.
(وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥))
قوله تعالى : (وَقاسَمَهُما) قال الزّجّاج : حلف لهما ، فدلّاهما في المعصية بأن غرّهما. قال ابن عباس : غرّهما باليمين ، وكان آدم لا يظنّ أنّ أحدا يحلف بالله كاذبا.
قوله تعالى : (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ) أي : فلمّا ذاقا ثمر الشّجرة. قال الزّجّاج : وهذا يدلّ على أنهما إنّما ذاقاها ذواقا ، ولم يبالغا في الأكل. والسّوأة كناية عن الفرج ، لا أصل له في تسميته. ومعنى (وَطَفِقا) أخذا في الفعل ؛ والأكثر : طفق يطفق ؛ وقد رويت : طفق يطفق ، بكسر الفاء ، ومعنى (يَخْصِفانِ) يجعلان ورقة على ورقة ، ومنه قيل للذي يرقع النّعل : خصّاف. وفي الآية دليل على أنّ إظهار السّوأة قبيح من لدن آدم ؛ ألا ترى إلى قوله : (لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما) فإنّهما بادرا يستتران لقبح التّكشّف. وقيل : إنما سمّيت السّوأة سوأة ، لأنّ كشفها يسوء صاحبها. قال وهب بن منبّه : كان لباسهما نورا على فروجهما ، لا يرى أحدهما عورة الآخر ؛ فلمّا أصابا الخطيئة ، بدت لهما سوءاتهما. وقرأ الحسن : «سوأتهما» على التّوحيد ؛ وكذلك قرأ «يخصّفان» بكسر الياء والخاء مع تشديد الصاد. وقرأ الزّهريّ : بضمّ الياء وفتح الخاء مع تشديد الصّاد. وفي الورق قولان : أحدهما : ورق