حكمه.
ولا تقتصر مسألة الشورى على الدائرة القيادية ، بل تمتد إلى الواقع العام للناس لأنها من المسائل الحية التي تكفل لهم المزيد من الانفتاح على بعضهم البعض في موقع الفكر المشترك في كل قضاياهم ، كما تمنع الكثير من الزلل الذي يقع فيه المستبدون من خلال استبدادهم في إدارة أمورهم ، ولذلك اعتبرها الإسلام عنوانا من عناوين المجتمع الإسلامي في قوله تعالى : (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) فإن المؤمن ينطلق في حياته من موقع العزم المرتكز على الفكر الذاتي والاستشارة ، لدراسة كل الجوانب المحيطة بالموضوع ، حتى إذا استكمل كل الأسباب الموضوعية للقرار ، أعطى الموقف قوّة الإلزام من إرادته ، وتحرّك نحو الهدف متوكلا على الله غير خائف من الطوارئ التي تعيش في أجواء الغيب المجهول ، لأن الثقة بالله تدفع الإنسان إلى الثقة بالموقف ، فإن الله قد تكفّل لعبده المتوكل عليه بأن يكفيه ما أهمّه مما لم يحتسبه من أوضاع إذا أعدّ كل ما يحتسبه من أسباب ومؤثرات ، وذلك هو معنى التوكل في ما يجمعه من واقعية النظرة إلى الساحة ، وغيبيّة الاستسلام للمستقبل المجهول بالاعتماد على الله ، (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) لأنهم يمثّلون في توكلهم عليه ، قوّة الثقة به والاعتماد عليه ، وينطلقون من سنّته الحكيمة إلى الكون في ما أراده من توفير الوسائل للحركة من خلال ما أودعه في الحياة من ذلك كله ... وبذلك يخلصون له بالإخلاص لسننه ، وبالإخلاص العميق لقدرته التي تحمي الإنسان من كل مفاجات المجهول.
* * *