الإنسان يتحرك من خلال الجوّ الداخلي في نفسه ، فهو الذي يمنح الخطى توازنا ، والموقع صلابة ، والموقف قوّة ، والإنسان صمودا ، لأنه لا يحارب من موقع طاقته الجسدية المادية بل من موقع طاقته الروحية التي تنفذ إلى مفاصل الجسم لتمنحه قوّة من قوتها ، وثباتا من ثباتها ، وروحية من روحيتها.
وفي ضوء هذا ، فإن الرعب الذي يلقيه الله في قلوب الذين كفروا من خلال العناصر الخارجية والإيحاءات الداخلية ، في مقابل الطمأنينة والسكينة التي ينزلها على رسوله والمؤمنين ، يمكن له أن يحرّك الهزيمة في ساحة الكافرين والنصر في مجتمع المؤمنين ، مما يفرض على المؤمنين أن يدخلوا المعركة بثقة في أنفسهم من خلال الثقة بالله الذي يملك الأمر كله ، فإنهم إذا أخذوا بأسباب النصر وانطلقوا في إرادة التحدي ، أعطاهم الله أسبابا خفية تبعدهم عن روح الهزيمة وعن مواقع الفرار. وهذا ما ينبغي للعاملين في خط الدعوة والحركة والجهاد ملاحظته في خططهم الحركية في ملاحقة كل الوسائل الاستكبارية العاملة على إثارة أجواء التهويل والتخويف من القوى المضادة بما يتحدث به إعلامها عن مواقع القوة لديها مقارنا بمواقع الضعف عندنا ، مما يوحي بأن الطريق الوحيد للنجاة هو الاستسلام لأنه لا مجال لاختراق هذا الجدار الصلب من القوّة للفئات المستكبرة أو الكافرة ، فلا واقعية للمواجهة ولا فرص للثبات ، وذلك من أجل إلقاء الرعب السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي والثقافي في قلوب المؤمنين ليعيشوا الهزيمة النفسية التي تهيّئ الظروف للهزيمة الخارجية.
إن المؤمنين الذين يأخذون بأسباب الإيمان ، ويخلصون لله ، ويعرفون سننه ، ويتعرفون مواقع قدرته ووسائل لطفه ، من حيث إيحاءات العقيدة ، وواقع اللطف الإلهي بعباده ... يعرفون كيف يتمردون على كل وسائل التخويف وكل أجواء الرعب ، بالانفتاح على الله في مواقع غيبه ، بالإضافة إلى السير في الحياة على خط سننه الكونية والتاريخة ؛ وبذلك يملكون التوازن في الموقف ، والثبات في الموقع ، والقوة في ساحة الصراع للوقوف بصلابة في وجه هؤلاء الكافرين