ذلك شكرا لله كما يجب أن يشكر ، وهو ما يمثّله الشكر العملي الذي يتحوّل إلى موقف للعمل ، ولا يظل مجرد كلمة تتحرّك في الشفاه ، ووعدت هؤلاء بأن الله سيجزيهم على ذلك جزاء موفورا (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ).
* * *
رفض الاستغراق الذاتي في الشخصية القيادية
إن هذه الآية تؤكد الرفض الإسلامي لفكرة عبادة الشخصية بالاستغراق في ذاتياتها ، بحيث يكون وجوده هو كل شيء في القضية ، وذلك من خلال ذهنية التقديس للفرد التي تندفع في استيحاء العظمة للقائد بالدرجة التي تتوقف فيها عنده وتنسى خط القيادة ، وتذوب في الرسول وتبتعد عن الرسالة ؛ فكأن الرسالة شأن من شؤونه الخاصة لتكون العلاقة بها من خلال العلاقة به ، وليس العكس ، بحيث يكون الارتباط به من خلالها ، كما نلاحظه في التأكيد القرآني على صفة الرسولية في الحديث عنه لتكون الصفة حاضرة في الوجدان الديني في حضور اسمه في الوعي الداخلي والالتزام العملي.
إننا لا نريد ـ في هذا المجال ـ أن نفصل بين شخصية الرسول وحركة الرسالة لنتصور وجود فاصل خارجي بينها وبينه ، لأن عظمة الرسول الذي اصطفاه الله من بين خلقه ، في أنه يجسد الرسالة في كل وجوده في ملكاته وأخلاقه واستقامته وإخلاصه لله ، فهو رسالة تتحرك فيراها الناس في سيرته ، وهذا ما جاء في الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في كلام بعض زوجاته : «كان خلقه القرآن».
ولكننا نريد ـ من هذا الحديث ـ أن نؤكّد على عدم الاستغراق الذاتي في شخصية الرسول ، لنحبه كما نحب أي إنسان من حيث خصوصيته الذاتية ، بل نعمل على الارتباط به من حيث هو رسول الله الذي يحمل الرسالة في حياته وجودا متجسدا ، كما يحملها في عقله ولسانه دعوة إلى الله ؛ فنبتعد عن عبادة