السيرة ، وهزم المشركون وتغلّب المسلمون عليهم واندفعوا في جمع الغنائم ... واعتبر الرماة الواقفون على الجبل أن المعركة انتهت ، وخافوا أن تفوتهم فرصة الحصول على نصيبهم من الغنائم ، وبدأوا يخلون أماكنهم ؛ وناشدهم قائدهم أن يلتزموا بأوامر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلم يسمع له إلا عشرة رجال منهم ...
وحانت من خالد بن الوليد التفاتة ـ وكان من المنهزمين مع المشركين ـ فرأى خلوّ الثغرة ، فقصدهم بكتيبة من المشركين فقتل العشرة بأجمعهم ، وانضمت فلول المشركين إلى خالد ، فانطلقوا في عملية التفاف مباغتة ، فدارت الدائرة على المسلمين حتى تعرضت حياة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم للخطر ، إذ أصابته حجارة من المشركين ، فكسرت رباعيته ، وشجّ في وجهه ، وجرحت جبهته ، ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجهه ... وفر المسلمون عنه ، ولم يبق معه إلّا نفر قليل كان في طليعتهم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وأبو دجانة ، وسهل بن حنيف ، فدافعوا عنه دفاع المستميت ... وقتل حمزة في المعركة بحربة وحشي ، وذلك بإغراء هند له ، واستخرجت كبده فلاكتها ... وكان عدد القتلى من المشركين اثنين وعشرين قتيلا ، وعدد شهداء المسلمين سبعين ...
* * *
القرآن يركّز على نقاط الضعف
وقد عاجلت هذه السّورة تجربة المعركة ، وتحدثت عن نقاط الضعف والقوّة فيها ، وأثارت في وعي المسلمين الكثير من المفاهيم الإسلامية المتعلقة بحركة المعركة وموقع القيادة في خطّ السير ومدى تأثير وجودها وغيابها ، في موضوع الالتزام بالمسيرة والاستمرار على المبدأ ، وتابعت المسلمين في المعركة وهم يتأمّلون ويخافون ويندفعون ويواجهون الأعداء وينهزمون أمامهم ... ولاحظت كيف تتحكم بهم جوانب الضعف البشري ، ووقفت معهم لتدفعهم إلى مواجهتها بشجاعة المؤمن الذي يعترف بها بصراحة في محاولة