أسراركم التي تمنحهم الفرصة لاستغلالها في الإضرار بكم وتعطيل خططكم المعتمدة على بعض الأمور السرية في مواجهة العدو ، (وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) في تعبير صارخ عن الحقد الدفين في نفوسهم من خلال هذا الانتصار الكبير للدعوة الإسلامية الذي أغلق عنهم الكثير من الساحات التي كانوا يتحركون فيها ، محققين فيها مصالحهم ومآربهم الخاصة من خلال علاقاتهم المدروسة مع أهلها.
(قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ) فلن ينفعكم ذلك شيئا في إنجاح ما تخططون له من الكيد للإسلام والمسلمين ، ولن يضر المسلمين شيئا في رعاية الله لهم في انتصاراتهم وفتوحاتهم وغلبتهم على الشرك كله ، فلن يخفى أمركم على الله ، (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فهو المطّلع على أعماق عباده ، وهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) وتحزنهم عند ما يرون من لطف الله بكم بما تفتحونه للإسلام من ساحات جديدة وفتح جديد ، (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها) فإذا أصابكم العدوّ بسوء أو هزيمة أو حدث في داخلكم مشكلة أو فتنة ، فإنهم يظهرون الشماتة والفرح بذلك ، ولكن ذلك كله لا يحقق لهم أيّة غاية مما يريدونها ، ولا ينزل بكم شرا لأنهم لا يملكون لكم أيّ ضرر إلا بمشيئة الله ، (وَإِنْ تَصْبِرُوا) على هذه المرحلة انتظارا للنتائج الأخيرة التي أعدّها الله لكم بالنصر الذي يحتاج إلى بعض الجهد والوقت ، (وَتَتَّقُوا) بالالتزام بأوامره ونواهيه في حالة الحرب والسلم والشدة والرخاء ، (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) ، لأن الله هو الذي يملك النفع والضرر فلا يحدث منهما شيء إلا بإذنه ، (إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) فلا يغيب عنه شيء من أمرهم أو مخططاتهم ، وهو القادر على دفع ذلك عنكم أيها المؤمنون الموحّدون.
* * *