فتتحركون في أوضاعكم وعلاقاتكم من قاعدة العقل الباحث عن أسرار الأشياء بما يكتشفه من حالة العمق العميق فيها ، ليدفع الإنسان إلى التحرك في دائرة دفع الضرر وجلب النفع ، فإن الإنسان السائر على هدى العقل لا يخطئ طريقه غالبا ، ولا يلقي بنفسه في مواقع الهلاك.
* * *
حقد دفين
(ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ) لأن الله أرادكم ـ من خلال الإسلام المنفتح على الناس كلهم ـ أن تفتحوا قلوبكم بالمحبة للآخرين ، لأن المسلم هو الذي يتحرك في حياته مع الآخرين على أساس الإخلاص الباحث عن حركة الحقيقة في الوجدان العام من مواقع التفكير والحوار ، فهو يعمل على أن يهدي الآخر بالدخول إلى قلبه من خلال الشعور الطاهر ، ليدخل إلى عقله من خلال الجو الملائم الذي لا يحمل في داخله أيّة حالة لرفض الآخر ، (وَلا يُحِبُّونَكُمْ) من خلال أنهم تحركوا ـ في تربيتهم ـ من قاعدة العنصرية التي توحي إليهم بأنهم هم الذين يملكون الدرجة العليا في الإنسانية ، وأن الآخرين لا يمثلون شيئا في حساباتهم إلا كما يمثله العبد أمام سيده ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإنهم لا يرون فيكم إلا الفئة المضادة لتطلعاتهم ومخططاتهم من أجل السيطرة على العالم ، مما يجعلهم لا يطيقون وجودكم ـ بالذات ـ فكيف يمكن أن يحملوا لكم الحب؟
(وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ) لأن القرآن جاء مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل ، وداعيا كل أتباعه إلى الإيمان بالكتاب الذي أنزله الله على رسوله موزعا بينهم في حاجات الناس ، بحسب المراحل ، من دون تفريق بين كتاب وكتاب ، ورسول ورسول. أمّا هم فلا يؤمنون بكتابكم لأنهم لا يؤمنون بأن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم رسول الله وأن القرآن وحي من الله ، (وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا) لتؤمّنوا لهم فتعتبروهم منكم فتدخلوهم في عمق خصوصياتكم ، فيطلعوا على