الممتدّة التي ترى في امتدادها في الزمن معنى وجودها في الحاضر ، وتؤمن بأنّ حركتها ـ بعيدا عن الحدود الضيقة ـ هي سرّ حيويتها وتجددها ومعنى إيمانها ، لأن الإيمان بالله وبرسالاته لا يتجمد في زمن ولا يقف عند حدّ ، إذ إنّ الإنسان هو عبد الله وخليفته في دوره الإنساني في الأرض ، فلا بد له من أن يستوعب كل عناصر الرسالة في كل دور من أدوار حياته ، وفي كل مجتمع من مجتمعاته من خلال ما يبلغه رسل الله من رسالات.
* * *
من هم الأمّة؟
وإذا كانت الدعوة إلى الخير هدفا من أهداف الإسلام من أجل شمول الخير للحياة ، فإن من اللازم أن تبرز من داخل الأمة طليعة واعية تتبنّى خط الدعوة إلى الله حسب حاجة الساحة إليها ، فقد تحتاج إلى عدد محدود قليل ، وقد يزيد هذا العدد ، وربما يشمل الأمة كلها إذا كبرت التحديات الشريرة المضادة من قوى الكفر والشرّ.
وهذا هو معنى الأمّة في قوله : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) أي : جماعة من المسلمين الذين يمكن لهم أن يحققوا الهدف ، ويسدّوا الثغرة بالجهود المبذولة في هذا الاتجاه. وفي ضوء ذلك نعرف عدم إرادة «الأمة» بالمعنى المصطلح الذي يتسع ليتحدد في معنى القومية الشاملة التي تنطلق من وحدة اللغة والأرض والتاريخ أو العادات والتقاليد ، مما يوحي به المعنى الاجتماعي والسياسي للكلمة ، لأن ذلك لا مجال له في هذه الآية ، التي تؤكد على الجماعة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر بحجم الحاجة ، فقد تشمل المسلمين كلهم إذا كانت التحديات الثقافية والسياسية والدينية والاجتماعية بالمستوى الكبير الذي لا يكفيه أيّة جماعة محدودة ، وقد يضيق عن ذلك إذا كان الحجم محدودا يكفيه قسم معين منهم.