ثمانية أوجه ، (منها) الجماعة ، (ومنها) : اتباع الأنبياء لاجتماعهم على مقصد واحد ، (ومنها) : القدوة لأنه يأتم به الجماعة ، (ومنها) : الدين والملّة ، كقوله : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) [الزخرف : ٢٢] ، (ومنها) : الحين والزمان ، كقوله تعالى : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) [يوسف : ٤٥] وإلى أمّة معدودة ، (ومنها) : القامة ، يقال : رجل حسن الأمّة أي : القامة ، (ومنها) : النعمة ، و (منها) : الأمة بمعنى الأم (١).
(تَبْيَضُ) : كناية عن المسرّة والفرح والحبور لما يلاقون من الثواب على الطاعة والإيمان. فابيضاض الوجوه : عبارة عن المسرّة ، واسودادها : عن الغمّ والمساءة.
* * *
مسئولية الدّعوة إلى الخير
كانت الآيات السابقة دعوة للاعتصام بحبل الله في خط التقوى الذي يقتضي ضبط المسيرة الذاتية للمجتمع الإسلامي ، وتأكيد الوحدة الروحية والأخوة العملية في حركة هذا المجتمع ، وذلك من خلال المفاهيم الإسلامية التي تربط الإنسان المسلم بالله في الفكر والشعور والعمل ...
أما هذه الآيات فقد بدأت في تحويل المجتمع إلى مجتمع منفتح على آفاق الدعوة إلى الخير في الداخل والخارج ، لأن ذلك هو دور الأمة المسلمة القائدة التي تقود العالم إلى ما فيه الخير والصلاح ، لأنها لا تمثل القوّة التي تختزن في نفسها عناصر القوة ثم تنغلق على ذاتها في عمليّة ذاتية محدودة لا تشعر فيها بالمسؤولية عن فكرها وقيمها وأهدافها ، فلا تعمل من أجل تحريكها في حياة الآخرين ، وتوسيع مداها في حركة الإنسان الصاعدة ؛ بل تمثّل القوّة المسؤولة التي تعتبر مسئولية صنع الخير والدعوة إليه جزءا من شخصيتها
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٨٠٦.