نعمة الإسلام
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) فهو ـ في مضمونه الشامل الذي يشمل الإسلام كله في مضمون الكتاب وحركة القيادة في خططها العملية ـ يمثل العروة الوثقى التي لا انفصام لها ولا انقطاع ، فلا بد لكم من التمسك به والارتباط به ، واعتباره الخط الذي يتواصل به الجميع والرابط الذي يربط بين الأفراد الذين قد يختلفون في خصوصياتهم ومواقعهم ، (وَلا تَفَرَّقُوا) ليقف كل واحد منكم في ناحية بعيدة عن الناحية التي يقف فيها الآخر على أساس العصبية الذاتية أو العائلية أو القومية أو العرقية أو الوطنية أو الإقليمية ... وغير ذلك مما يختلف عليه الناس في قضاياهم العامة والخاصة ، فإن التفرق والاختلاف يؤدّيان إلى الضعف تارة وإلى السقوط أخرى ، وإلى الابتعاد عن الخط المستقيم ثالثة ، (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) بالإسلام الذي هداكم إليه ، وما كنتم لتهتدوا لولا أن هداكم الله وجمعكم بعد فرقة ووحدكم بعد تمزّق ، (إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً) لا تلتقون على موقف ، ولا ترتكزون على قاعدة ، يحقد بعضكم على بعض ، ويلعن بعضكم بعضا (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) بما أودعه في داخلها من الإسلام المنفتح على الله الذي يشيع الألفة الروحية من خلال العقيدة الواحدة والشريعة الواحدة والخط الواحد والهدف الواحد ، (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً) متراحمين ، متناصحين ، مجتمعين على أمر واحد ، متحابين خاضعين لعنوان واحد ، وهو الأخوّة في الله التي تفتح القلوب على بعضها البعض ، وتزيل الحقد والعداوة والبغضاء.
(وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ) أي : على حافة الهاوية التي تكاد أن تسقطكم في النار ، من خلال الكفر الذي كنتم تقيمون عليه ، وتتحركون في دائرته ، وتختلفون في ما بينكم من خلال نوازعه وأوضاعه ، (فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) بالإسلام الذي فتح لكم أبواب الخير كله وأبواب رضوانه الذي ينتهي بكم إلى الجنة ويبعدكم عن النار ، (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) التي توضح لكم