حدود الله في تشريع الطلاق
(الطَّلاقُ مَرَّتانِ) هذا تحديد للطلاق الذي يملك فيه الرجل حق الرجوع للمرأة المطلقة من دون حاجة إلى إجراءات جديدة ، ولهذا فرع عليه قوله : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) فإن هذا هو الخيار الذي يملكه في وقت العدة.
وقد روى الصدوق في كتاب «من لا يحضره الفقيه» ، عن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال : سألت الرضا علي بن موسى عليهالسلام عن العلّة التي من أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره فقال عليهالسلام : إن الله ـ عزوجل ـ إنما أذن في الطلاق مرتين ، فقال عزوجل : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) يعني في التطليقة الثالثة فلدخوله في ما كره الله عزوجل له من الطلاق الثالث حرّمها عليه ، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، لئلا يوقع الناس الاستخفاف بالطلاق ولا يضاروا النساء (١).
وفي هذا التعبير إيحاء بطبيعة الموقف الذي ينبغي له أن يتخذه في كلتا الحالتين ، فلا يبتعد عن الجو الحميم الذي تقتضيه العلاقة ، ولا يتنكر للكرامة التي تطلبها المرأة ... فإذا كان هناك رجوع وعودة وإمساك ، فينبغي أن يكون بالمعروف في الروحية والدوافع والأسلوب. وإذا كان هناك انفصال وتسريح ، فلا بد من أن يكون بالإحسان في الكلمة والمعاملة والجوّ اللطيف ، حتّى يتمثل كل منهما في نفسه روحيّة الخلق الإسلامي الذي يحب الله للناس أن يتّصفوا به.
(وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) فليس للرجل أن يستغل
__________________
(١) الصدوق ، من لا يحضره الفقيه ، ج : ٣ ، ص : ٥٠٢ ، باب : ٢ ، رواية : ٤٧٦٤.