في الاستيلاء عليه ، (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) واقع الحال الذي يوحي إليكم بأنكم على الباطل من دون أية شبهة ، مما يجعل جريمتكم أكبر لأن ارتكاب الحرام مع العلم أكثر خطورة وأعظم قبحا من ارتكابه مع الشك.
* * *
بين الملكية الفردية وأكل الحرام
وهذا تشريع جديد ، يضاف إلى التشريعات الإسلامية التي يراد من خلالها تنظيم الواقع الاجتماعي للمسلمين ، ولكنه تشريع يتعلق بالعلاقات المالية بينهم ، فإن الإسلام يقرّ الملكية الفردية التي تقتضي اختصاص كل فرد بحصته من المال الذي أعده الله وخلقه للإنسان ، ولكنه نظم له طريقة الاختصاص والتملك بطرق شرعية خاصة ، فأحل له ذلك بأسباب وحرم عليه بأسباب أخرى ، واعتبر كل سبب لا يقره الشرع باطلا لا يحقق ملكا ولا يبيح تصرفا ، ونهى الإنسان عن كل علاقة باطلة بكل ما تستتبعه من أوضاع وتكاليف ، وكنّى عن ذلك بالأكل باعتبار أن الأكل يمثل أولى الحاجات الطبيعية التي يقبل عليها الإنسان في وجوده لحفظ حياته. وربما كان التعبير ب (أَمْوالَكُمْ) إشارة إلى أن المال للجماعة ، ولكن الله جعل لكل فرد منه حصة خاصة يتصرف فيه بما يريد مما لا يسيء إلى مصلحة الآخرين ، الأمر الذي يؤكد الصفة العامة للمال من موقع تأكيده على الصفة الخاصة على أساس أن لكل منهما وظيفة ودورا لا يتعداه ولا يسيء في حركته العملية للآخر.
ولا بد لنا في هذا المجال من مواجهة كل علاقاتنا المالية بالوعي الشرعي الذي يميز بين الحق والباطل فيها ، في ما أباحه الله وما حرمه منها ، وذلك في ما يستحدثه الناس من التشريعات المالية في توزيع المال من جهة ، وفي أخذه من أصحابه من جهة أخرى ، كما نراه في تشريعات التأميم في