يحوّل المعنى البسيط إلى معنى معقّد.
ولا بد في هذه الأمور من الرجوع إلى السنة والتمييز بين صحيح الحديث وضعيفة ، لنخلص إلى النتيجة الحاسمة في معرفة الحكم الشرعي ، والله أعلم بحقائق أحكامه.
* * *
بين الأسلوب القراني وصلة الإنسان بالله
(وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) لا يبعد أن تكون هذه الفقرة من الآية جارية على الأسلوب القرآني ، الذي جرى في أكثر من مجال ، على اتباع الحكم الشرعي بالإيحاء للإنسان بالجانب الروحي الأخروي الذي يتعلق بقضية المصير ، من أجل أن يتحقق له إلا الانضباط الواعي ، الذي يدفعه إلى مواجهة الطاعة بقوّة وإيمان ووعي وامتثال ... فقد تحدثت الآيتان عن بعض جوانب التحليل والتحريم ، فكان من المناسب أن يطلب من المكلف أن يقدم لنفسه ما يشاء من الأعمال الصالحة التي ترفع درجته عند الله ، وأن يتقي الله في نفسه فلا يرتكب ما حرمه الله عليه ، وأن يعلم أنه سيلاقي الله غدا ليحاسبه على ما عمل من خير أو شر.
ثم أطلق البشارة للمؤمنين ، لأنهم الذين استطاعوا أن يسيروا على الخط المستقيم في عقيدتهم ، وعملهم فحصلوا على خير الدنيا والآخرة. وذهب البعض إلى أن معنى التقديم هنا طلب الولد ، فإن في اقتناء الولد الصالح يكون تقديما عظيما لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا مات المؤمن ، انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له» (١). وذهب بعض آخر إلى غير ذلك ، مثل الدعاء عند الجماع ، أو التسمية عنده ، أو التزوج
__________________
(١) البحار ، م : ١ ، ج : ٢ ، ص : ٣٤٩ ، باب : ٨. رواية : ٦٥.