المرأة بين الوطء والحرث
وربما يوحي هذا التعبير عن المرأة بأنها «حرث للرجل» بعض الشعور بالانزعاج لدى النساء ، لأنه يصورها بصورة الأرض التي تتلقى البذور من خلال آلية الزرع ، فتكون البذور هي سر الحياة ، بينما لا دور للأرض إلا الانفعال الذي لا يعبر عن ذاتية حيوية في تلك العملية.
وقد يتحدث البعض عن التعبير عن عملية الجنس بالوطء ـ كما هو التعبير الفقهي للمسألة ـ الذي يوحي بأن المرأة موطوءة تماما كما هي الأرض التي توطأ بالأقدام ، لتكون صورتها صورة المنسحقة تحت الرجل ، مما يحمل أكثر من إيحاء بالمهانة المعنوية ، فهي شيء «يحرث» و «يوطأ» ويبقى «تحت الرجل».
ولكننا نتصور ، في التعليق على ذلك ، أن المسألة التعبيرية لا تتجه هذا الاتجاه ، لأن القضية تتصور بالصورة في تشبيه المرأة بالأرض التي تتلقى البذور ، لتمنحها كل عناصرها الحية في عملية تفاعل حيّ ، فتتحول البذور إلى كائن يمتلئ بالحياة وبالنمو المتحرك الفاعل الذي يتطور في الأرض ، ليكون شجرة تنتج ما لذ وطاب من الفواكه والثمار ، ويتحرك في المرأة ليكون إنسانا سويّا ممتلئا بالحيوية والحركة والإرادة والعطاء المميز للحياة. فليس الإنسان وليد البذرة التي يضعها الرجل في رحم المرأة ، بل هو وليد المزيج من نطفة الرجل وبويضة المرأة ، ثم الغذاء المتنوع الذي تمنحه المرأة للمخلوق المتحرك في رحلة الحياة ، تماما كما هي الأرض في عطائها المستمر للنبتة الوليدة حتى تكون شجرة. ويبقى العطاء بعد ذلك للشجرة.
كما يبقى العطاء للوليد بعد الولادة من خلال إرضاع الأم له ، الأمر الذي قد يوحي بأن الأم هي التي تعطى الوليد ـ الإنسان أكثر عناصر وجوده ـ ولذلك فإن عملية «الحرث» لم تكن عملية انفعال ، بل هي عملية تفاعل بين