الضد الخاص.
وثانيا : فإن الحديث عما أمر الله به لا بد من أن يكون ـ على تقدير إرادته ـ إشارة إلى أمر سابق بالإتيان في الفرج لا في الدبر ، وهو مما لا دلالة عليه في القرآن. أمّا ما ذكره العلامة الطباطبائي من إرادة الأمر التكويني في نظام النوع الإنساني في تقرير الزواج ، فليس للفظ ظهور فيه ، ولا باعتبار أن هذا النظام جار على سبيل الفطرة الإنسانية الذي ينطلق الناس إليه ويأخذون به من خلال الحاجة الطبيعية التي يريدون تحقيقها في حياتهم لإرادة الشهوة ولطلب الولد ، تماما كما يأكلون ويشربون ويلبسون ، لا من خلال اللهو واللغو الذي لا معنى له ، مما يجعل الحديث عنه لغوا لا فائدة منه ، لأنه تقرير لحقيقة واضحة لدى الناس أكثر من وضوح الكلمة في الآية.
وثالثا : استبعاد إرادة الأمر التكويني في نطاق السياق التشريعي الذي يتحدث عن الأمر والنهي ، من الناحية المتصلة بالتشريع في الرخصة والمنع كما هو سياق الآية ، بل الظاهر منه الأمر المتصل بالنظام الشرعي للعملية الجنسية.
وربما كان الاحتمال الثالث هو الأقرب إلى الاعتبار وإلى الظهور من خلال القرينة السياقية ، وذلك لأن الآية واردة في بيان الحدود التي فرضها الله في علاقة الرجال بالنساء من الناحية الجنسية. فإذا كان الله قد حرّم إتيانهن في حال الحيض ، وأمر باعتزالهن ، وأراد للناس أن يقفوا عند هذا الحد ، فإنه يريد لهم ، بعد زوال الحيض ، أن يعودوا إلى حالتهم الطبيعية السابقة التي وضع الله لها نظاما في أوامره ونواهيه ، فلا يبتعدوا عن نهج الله في شرعه ، فيدخل في مدلول الفقرة كل الأوامر المتعلقة بالأفعال والتروك. أي : فأتوهن من الجانب المرتبط بأمر الله ، وليس لكم إتيانهن من طريق الحرام. ولعل الفقرة التالية التي تتحدث عن التوّابين والمتطهرين توحي بذلك ، ولو من بعيد ، والله العالم.