ويضيف إلى ذلك قوله : «على أن هذا الإسلام من الأمور الاختيارية التي يتعلق بها الأمر والنهي ، كما قال تعالى : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [البقرة: ١٣١] ، ولا معنى لنسبة ما هو كذلك إلى الله سبحانه أو مسألة ما هو فعل اختياري للإنسان من حيث هو كذلك من غير عناية يصح معها ذلك» (١).
أما الإسلام المطلوب ، فهو «تمام العبودية وتسليم العبد كل ما له إلى ربه ، وهو ، وإن كان معنى اختياريا للإنسان من طريق مقدماته ، إلا أنه إذا أضيف إلى الإنسان العادي وحاله القلبي المتعارف كان غير اختياري ، بمعنى كونه غير ممكن النيل له ، وحاله حاله ، كسائر مقامات الولاية ومراحله العالية ، وكسائر معارج الكمال البعيدة عن حال الإنسان المتعارف المتوسط الحال بواسطة مقدماته الشاقة ، ولهذا يمكن أن يعد أمرا إليها خارجا عن اختيار الإنسان ، ويسأل من الله سبحانه أن يفيض به ، وأن يجعل الإنسان متصفا به. على أن هنا نظرا أدق من ذلك ، وهو أن الذي ينسب إلى الإنسان ، ويعدّ اختياريا له ، هو الأفعال ، وأما الصفات والملكات الحاصلة من تكرر صدورها فليست اختيارية له بحسب الحقيقة ، فمن الجائز أو الواجب أن ينسب إليه تعالى ، وخاصة إذا كانت من الحسنات والخيرات التي نسبتها إليه تعالى أولى من نسبتها إلى الإنسان» (٢).
ونلاحظ على كلام العلامة الطباطبائي أنه ينطلق من التفسير الحر للكلمة التي تتضمن الإيجاد بعد العدم ، الأمر الذي يجعل المعنى المطلوب غير حاصل في حال الطلب ، ولذلك اضطر إلى تكلف التفرقة بين «الإسلامين» ، وفي مناقشته نقول :
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ٢٧٨.
(٢) م. س ، ج : ١ ، ص : ٢٧٩.