قال تعالى : (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ
فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ* لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ
رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف : ١٢٦ ـ ١٢٧].
فالظاهر من
الإشارة أن المقصود بها النهج الإلهي في العقيدة والشريعة والمنهج الذي يقود الناس
السائرين عليه إلى دار السلام التي هي الجنة في الآخرة. قال تعالى : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ
هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران : ١٠١].
فإن الاعتصام بالله هو السير في خط الإيمان به وبرسله وبر برسالاته ، مما يوحي بأن
الخط المستقيم هو حركة الإنسان في هذا الاتجاه.
قال تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ
مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ
وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى
صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [المائدة : ١٥ ـ ١٦].
فالقرآن الذي يمثل
النور الذي يشرق في عقل الإنسان وقلبه وحياته ، يمثل الكتاب الواضح الهادي للذين
يتبعون رضوانه إلى سبل السلام الروحي والعملي ، والدافع لهم إلى الجانب المشرق من
الحياة في ما يأذن الله به من إخراجهم من (الظُّلُماتِ إِلَى
النُّورِ) ، ويهديهم إلى (الصِّراطَ
الْمُسْتَقِيمَ) الذي يؤدي بهم إليه ، فيما هو خط السير المتحرك بين
البداية والنهاية. قال تعالى : (قُلْ إِنَّنِي
هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ
حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ
وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ
وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ). [الأنعام : ١٦١ ـ ١٦٣].
وهذه الآيات واضحة
الدلالة على أن الصراط المستقيم هو دين الله الذي يجسد التوحيد في إسلام الوجود
الإنساني لله وحده ، ليكون الإسلام هو الانتماء التوحيد ، الذي يتمثل فيه الكمال
الإنساني في وجوده الفكري والحركي.