الإيمان بالآخرة ، فيجعل للحياة هدفا كبيرا يمكن للإنسان أن يجاهد من أجله ويسعى إليه.
هذه هي الأسس الثلاثة للعقيدة .. ويتبعها ـ كما قلنا ـ المظهران العمليان للعقيدة ، وهما: إقامة الصلاة التي تربطه بالله ؛ والإنفاق مما رزقه الله الذي يربطه بالحياة.
* * *
وقفة مع صاحب الميزان
ويلاحظ صاحب تفسير الميزان أن كلمة (مِنْ رَبِّهِمْ) توحي بأن هناك هداية من الله بعد التقوى ، تخلف عن الهداية التي صاروا بها متقين ، وهي الهداية الأولى « قبل القرآن وبسبب سلامة الفطرة ، فإن الفطرة إذا سلمت لم تنفك من أن تتنبه شاهدة لفقرها وحاجتها إلى أمر خارج عنها ، وكذا احتياج كل ما سواها مما يقع عليه من حس أو وهم أو عقل إلى أمر خارج يقف دونه سلسلة الحوائج ، فهي مؤمنة مذعنة بوجود موجود غائب عن الحس ، منه يبدأ الجميع وإليه ينتهي ويعود ، وأنه كما لم يهمل دقيقة من دقائق ما يحتاج إليه الخلقة ، كذلك لا يهمل هداية الناس إلى ما ينجيهم من مهلكات الأعمال والأخلاق ، وهذا هو الإذغان بالتوحيد والنبوّة والمعاد ، وهي أصول الدين ، ويلزم ذلك استعمال الخضوع له سبحانه في ربوبيته ، واستعمال ما في وسع الإنسان من مال وجاه وعلم وفضيلة لإحياء هذا الأمر ونشره ، وهذان هما الصلاة والإنفاق. ومن هنا يعلم : أن الذي أخذه سبحانه من اوصافهم هو الذي تقضي به الفطرة إذا سلمت ، وأنه ، سبحانه ، وعدهم أنه سيفيض عليهم أمرا سمّاه هداية ، فهذه الأعمال الزاكية منهم متوسطة بين هدايتين كما عرفت ؛ هداية سابقة وهداية لاحقة ، وبين الهدايتين يقع صدق الاعتقاد وصلاح العمل ،