عليها كيانهم الفكري ، ومن خلال الوسائل الحسية التي حرّكها لتموّن جهاز العقل في وجودهم ، ليبدع ما شاء الله له من النتاج الفكري الذي يرفع مستوى الحياة في أكثر من مجال ، ويربّي لهم حياتهم الروحية والعملية بالرسالات التي تمثل أعلى درجات السموّ والخير والإبداع. ثم كانت تربيته للوجود كله في مخلوقاته الحية والنامية والجامدة ، في ما أبدعه من النظام الكوني الذي يضع لكل موجود نظاماً بديعاً من الداخل والخارج ، ويربط فيه بين المخلوقات في عملية التكامل الذي يتمثل في الترابط الوجودي المتحرك أو الساكن في وجود الأشياء.
وهكذا كانت الألوهية ، التي تنفتح على الكون كله من قاعدة الوجود ، والتربية ، كما تتطلع إليها الموجودات من الموقع نفسه من خلال حاجتها الذاتية إليها في ذلك كله.
من هنا يظهر لنا أن الألوهية ، في المفهوم الإسلامي ، تمثل حقيقة حيّة متحركة في علاقة الخالق بالمخلوق ، كما هي علاقة المخلوق بالخالق ، ليبقى الإنسان والحيوان والملك وكل مفردات الوجود في تطلّع دائم ، وفي انتظار يومي ، لكل العطاء الإلهي في استمرار الوجود ، مما يجعل من عملية النموّ عملية مستمرة مع الزمن كله ، في حركة الوجود كله.
* * *
التازر والتاخي بين مفردات الوجود
وأمّا كلمة : (الْعالَمِينَ) ، فتفتح آفاقها لتشمل مفردات الوجود كلها في اختلافها في عناصرها الذاتية وملامحها النوعية ، وحركتها الوجودية ، وأوضاعها الشكلية ، ومجالاتها الحركية ، ومداراتها الكونية ... ، ثم توحّدها