الملائكة تسجد لآدم تكريما له
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) هذا المخلوق الجديد الذي هو قبضة من الطين وإبداع من القدرة ، ونفخة من روح الله ، في ميزاته الإنسانية ؛ في عقله الذي يتسع لكل حقائق العقيدة والحياة ، وإرادته التي تمثل العزيمة القوية في حركة القوّة الروحية في وجوده ، وحرية حركته في جميع مجالات الكون الموضوعة تحت قدرته ، وفي حيوية إحساسه بالمسؤولية الشاملة لكل مواقع الخلافة عن الله في الأرض في إدارة شؤونها ، وترتيب أوضاعها ، وتنظيم حركتها ، وتوجيهها في الخط الذي يرضاه الله للحياة في داخل النظام الكوني.
وفي ضوء ذلك ، كانت عظمة خلقه لونا من ألوان الدلالة على عظمة الله في إبداع مثله ، مما يفرض التحية له والتكريم لوجوده ، والخضوع لله على عظمة قدرته في خلقه ، الأمر الذي يجعل السجود له شأنا من شؤون العبادة لله والتقدير لإبداعه في الخلق ، والتحية للمخلوق الحي الفاعل الذي يشارك الملائكة المهمات الموكولة للعباد في إدارة النظام الكوني. (فَسَجَدُوا) خضوعا ، وإذعانا للأمر الإلهي ، وتحية لهذا الخلق الذي أكرمه الله بخلافته وكرّمه بنعمه ، (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) أن يسجد ، (وَاسْتَكْبَرَ) انطلاقا من العقدة المستعلية في داخل ذاته في إحساسه المرضيّ بالتفوّق العنصري لانتمائه إلى النار أمام انتماء آدم إلى التراب ، حيث تستطيع النار أن تحرق التراب.
* * *
المستكبرون ومشكلة تضخّم الذات
وهذه مشكلة المستكبرين الذين يستغرقون في جانب من جوانب الذات ،