كان أو حاضرا ، مضمرا كان أو معلنا ... إلخ ، وبالتالي فهو يعلم ما يخفونه ويعلنونه.
(قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) في حدود هذا العلم الذي ألهمته وعلّمته ، والذي يجعلك جديرا بإدارة الأرض كلها ، ليعرف الملائكة ، من خلال هذا العلم ، أنهم لا يملكون القدرة على أن يكونوا البديل عنك ، لأن التسبيح والتقديس لله ليسا كل شيء في عملية الخلافة ، بالإضافة إلى أن مظاهر التسبيح قد تتمثل بالحركة المنفتحة على تحريك خلق الله في خط إرادته بالدرجة التي تظهر فيها عجائب خلقه ، وإبداعات قدرته ، فقد تكون المعرفة الواعية ، وقد يكون العمل المنتج ، وجها من وجوه التسبيح في الإنسان وحركة من حركات التقديس. ففي مظاهر العقل معنى التسبيح ، وفي مواقع القوة والإبداع معنى التقديس.
(فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) ، وأخبرهم بها في كل ما أراد الله له أن يخبر به ويبينه لهم ، مما يوحي بالدرجة التي يملكها من المعرفة ، وبالقضايا التي يحيط بها من شؤون الحياة ، ليعرفوا الفارق بينهم في خصوصيات ملائكيتهم ، وبينه في إنسانيته ، (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، فلا تقدرون على الإحاطة به ، كما أن هناك الكثير من الغيب الذي لم تملكوا إلى معرفته سبيلا ، فليس كل شيء مكشوفا لكم ومقدّرا لكم في وسائله ، في الوقت الذي يستوي لديّ الغيب كما يستوي لديّ السرّ والعلانية في ما تظهرونه وتكتمونه ، مما لا يمكن أن يحاط فيه. (وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) من خصائص الألوهية في ذات الإله الذي يحيط بكل خلقه في ظواهرها وبواطنها ، مما لا يملكون الإحاطة به (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك : ١٤].
وهنا ، حاول الكثيرون من المفسرين التوقف عند كلمة (وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) وحاولوا أن يفسروا كلمة (وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) فتساءلوا