الإيمان ، ويفسح في المجال لحركة فساد في العقيدة والسلوك والعلاقات ، وقد يتمثّل ذلك بعمل المعاصي ، وصدّ الناس عن الإيمان بالأساليب الملتوية ـ على ما روي عن ابن عباس ـ أو بممالأة الكفار ، فإن فيه توهين الإسلام ، على ما قاله أبو علي ، أو بتغيير الملة وتحريف الكتاب على ما قاله الضحاك (١). وقد يتمثل في غير ذلك مما ذكره المفسرون. والظاهر أن مثل هذه التفسيرات لم تنطلق من نص ديني مأثور عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكنها ارتكزت على ملاحقة بعض الآيات التي تتحدث عن المنافقين في سلوكهم العملي تجاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مما لا يبّرر لنا حصره في نطاق خاص ، لأنه لا يحاول حصر هذه الحالات به ، بل يحاول عرض بعض ملامحها المتعلقة بالأفكار الإسلامية العامة.
وعلى ضوء ذلك ، يمكن لهذه الآية أن تتحرك في كل مجال من مجالات حركة النفاق في داخل المجتمع ، مما قد يوحي ظاهره بالصلاح ، ولكنه يحمل الفساد في أهدافه ووسائله ودوافعه .. ولعلنا نواجه مثل هذه الحالات في سلوك الكثيرين من حملة الأفكار التي تتحرك في اتجاه إثارة الفوضى والدمار في المجتمع باسم الإصلاح الذي يستهدف تغيير الواقع من خلال نسف جذوره ، كما نواجه ذلك في كلمات البعض ممّن يفسحون المجال في المجتمع للدعوات والأعمال التي يطلقها أصحاب الهوى والفجور والانحلال حيث يحاولون تبرير ذلك بأنه ثورة على الجمود ، وتحرير للإرادة الإنسانية من عوامل الكبت الداخلي ، وتحطيم للعقد النفسية المرضية التي تؤدي إلى ما يشبه الشلل في حركة الفرد والمجتمع ، كما نلاحظ ذلك في الدعوات التي تبرر الأزياء الفاضحة أو العري المنحلّ ، بأنه يمنح الإنسان صحة نفسية يتعافى بها من كل العقد الداخلية.
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٦١.