(وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٢٠٣)
____________________________________
كأنها تطوف بهم وتدور حولهم لتوقع بهم أو من طاف به الخيال يطيف طيفا أى ألم وقرىء طيف على أنه مصدر أو تخفيف من طيف من الواوى أو اليائى كهين ولين والمراد بالشيطان الجنس ولذلك جمع ضميره فيما سيأتى (تَذَكَّرُوا) أى الاستعاذة به تعالى والتوكل عليه (فَإِذا هُمْ) بسبب ذلك التذكر* (مُبْصِرُونَ) مواقع الخطأ ومكايد الشيطان فيحترزون عنها ولا يتبعونه (وَإِخْوانُهُمْ) أى إخوان ٢٠٢ الشيطان وهم المنهمكون فى الغى المعرضون عن وقاية أنفسهم عن المضار (يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ) أى يكون* الشياطين مددا لهم فيه ويعضدونهم بالتزيين والحمل عليه وقرىء يمدونهم من الإمداد ويمادونهم كأنهم يعينونهم بالتسهيل والإغراء وهؤلاء بالاتباع والامتثال (ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) أى لا يمسكون* عن الإغواء حتى يردوهم بالكلية ويجوز أن يكون الضمير للإخوان أى لا يرعوون عن الغى ولا يقصرون كالمتقين ويجوز أن يراد بالإخوان الشياطين ويرجع الضمير إلى الجاهلين فيكون الخبر جاريا على من هو له (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ) من القرآن عند تراخى الوحى أو بآية مما اقترحوه (قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) اجتبى الشىء بمعنى جباه لنفسه أى هلا جمعتها من تلقاء نفسك تقولا يرون بذلك أن سائر الآيات أيضا كذلك أو هلا تلقيتها من ربك استدعاء (قُلْ) ردا عليهم (إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) من غير أن يكون لى دخل ما فى ذلك أصلا على معنى تخصيص حاله صلىاللهعليهوسلم باتباع ما يوحى إليه بتوجيه القصر المستفاد من كلمة إنما إلى نفس الفعل بالنسبة إلى مقابله الذى كلفوه إياه صلىاللهعليهوسلم لا على معنى تخصيص اتباعه صلىاللهعليهوسلم بما يوحى إليه بتوجيه القصر إلى المفعول بالقياس إلى مفعول آخر كما هو الشائع فى موارد الاستعمال وقد مر تحقيقه فى قوله تعالى (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) كأنه قيل ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلى منه تعالى وفى التعرض لوصف الربوبية المنبئة عن المالكية والتبليغ إلى الكمال اللائق مع الإضافة إلى ضميره صلىاللهعليهوسلم من تشريفه صلىاللهعليهوسلم والتنبيه على تأييده ما لا يخفى (هذا) إشارة إلى* القرآن الكريم المدلول عليه بما يوحى إلى (بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) بمنزلة البصائر للقلوب بها تبصر الحق* وتدرك الصواب وقيل حجج بينة وبراهين نيرة ومن متعلقة بمحذوف هو صفة لبصائر مفيدة لفخأمتها أى بصائر كائنة منه تعالى والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم لتأكيد وجوب الإيمان بها وقوله تعالى (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) عطف على (بَصائِرُ) وتقديم الظرف عليهما وتعقيبهما بقوله تعالى* (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) للإيذان بأن كون القرآن بمنزلة البصائر للقلوب متحقق بالنسبة إلى الكل وبه تقوم* الحجة على الجميع وأما كونه هدى ورحمة فمختص بالمؤمنين به إذ هم المقتمسون من أنواره والمغتنمون بآثاره والجملة من تمام القول المأمور به.