(وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥)
____________________________________
تحت الأمر (وَلَهُ) أى لله عزوجل خاصة (ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) نزل الملوان منزلة المكان فعبر عن نسبة الأشياء الزمانية إليهما بالسكنى فيهما وتعديته بكلمة فى كما فى قوله تعالى (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) أو السكون مقابل الحركة والمراد ما سكن فيهما أو تحرك فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر* (وَهُوَ السَّمِيعُ) المبالغ فى سماع كل مسموع (الْعَلِيمُ) المبالغ فى العلم بكل معلوم فلا يخفى عليه شىء من الأقوال والأفعال (قُلْ) لهم بعد ما بكتهم بما سبق من الخطاب (أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) أى معبودا بطريق الاستقلال أو الاشتراك وإنما سلطت الهمزة على المفعول الأول لا على الفعل إيذانا بأن المنكر هو اتخاذ غير الله وليا لا اتخاذ الولى مطلقا كما فى قوله تعالى (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا) وقوله تعالى (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) * الخ (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى مبدعهما بالجر صفة للجلالة مؤكدة للإنكار لأنه بمعنى الماضى ولذلك قرىء فطر ولا يضر الفصل بينهما بالجملة لأنها ليست بأجنبية إذ هى عاملة فى عامل الموصوف أو بدل فإن الفصل بينه وبين المبدل منه أسهل لأن البدل على نية تكرير العامل وقرىء بالرفع والنصب على المدح وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما عرفت معنى الفاطر حتى اختصم إلى أعرابيان فى بئر فقال أحدهما أنا* فطرتها أى ابتدأتها (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) أى يرزق الخلق ولا يرزق وتخصيص الطعام بالذكر لشدة الحاجة إليه أو لأنه معظم ما يصل إلى المرزوق من الرزق ومحل الجملة النصب على الحالية فإن مضمونها مقرر لوجوب اتخاذه سبحانه وتعالى وليا وقرىء ولا يطعم بفتح الياء وبعكس القراءة الأولى أيضا على أن الضمير لغير الله والمعنى أأشرك بمن هو فاطر السموات والأرض ما هو نازل عن رتبة الحيوانية وببنائهما للفاعل على أن الثانى بمعنى يستطعم أو على معنى أنه يطعم تارة ولا يطعم أخرى* كقوله تعالى (يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ (قُلْ) بعد بيان أن اتخاذ غيره تعالى وليا مما يقضى ببطلانه بديهة العقول* (إِنِّي أُمِرْتُ) من جنابه عزوجل (أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) وجهه لله مخلصا له لأن النبى إمام أمته فى الإسلام كقوله تعالى (وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) وقوله تعالى (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا* أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (وَلا تَكُونَنَّ) أى وقيل لى ولا تكونن (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أى فى أمر من أمور الدين ومعناه أمرت بالإسلام ونهيت عن الشرك وقد جوز عطفه على الأمر (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) أى بمخالفة أمره ونهيه أى عصيان كان فيدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا وفيه بيان لكمال اجتنابه* صلىاللهعليهوسلم عن المعاصى على الإطلاق وقوله تعالى (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أى عذاب يوم القيامة مفعول خاف