قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير أبي السّعود [ ج ٣ ]

310/312
*

(وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (٢٠٦)

____________________________________

٢٠٤ (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) إرشاد إلى طريق الفوز بما أشير إليه من المنافع الجليلة التى ينطوى عليها القرآن أى وإذا قرىء القرآن الذى ذكرت شئونه العظيمة فاستمعوا له استماع تحقيق وقبول* (وَأَنْصِتُوا) أى واسكتوا فى خلال القراءة وراعوها إلى انقضائها تعظيما له وتكميلا للاستماع (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أى تفوزون بالرحمة التى هى أقصى ثمراته وظاهر النظم الكريم يقتضى وجوب الاستماع والإنصات عند قراءة القرآن فى الصلاة وغيرها وقيل معناه إذا تلا عليكم الرسول القرآن عند نزوله فاستمعوا له وجمهور الصحابة رضى الله تعالى عنهم على أنه فى استماع المؤتم وقد روى أنهم كانوا يتكلمون فى الصلاة فأمروا باستماع قراءة الإمام والإنصات له وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قرأ فى المكتوبة وقرأ أصحابه خلفه فنزلت وأما خارج الصلاة فعامة العلماء على استحبابهما والآية ٢٠٥ إما من تمام القول المأمور به أو استئناف من جهته تعالى فقوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ) على الأول عطف على قل وعلى الثانى فيه تجريد للخطاب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو عام فى الأذكار كافة فإن* الإخفاء أدخل فى الإخلاص وأقرب من الإجابة (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) أى متضرعا وخائفا (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) أى ومتكلما كلاما دون الجهر فإنه أقرب إلى حسن التفكر (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) متعلق باذكر أى اذكره فى وقت الغدوات والعشيات وقرىء والإيصال وهو مصدر آصل أى دخل فى الأصيل ٢٠٦ موافق للغدو (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) عن ذكر الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) وهم الملائكة عليهم‌السلام ومعنى كونهم عنده سبحانه وتعالى قربهم من رحمته وفضله لتوفرهم على طاعته تعالى* (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) بل يؤدونها حسبما أمروا به (وَيُسَبِّحُونَهُ) أى ينزهونه عن كل مالا* يليق بجناب كبريائه (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) أى يخصونه بغاية العبودية والتذلل لا يشركون به شيئا وهو تعريض بسائر المكلفين ولذلك شرع السجود عند قراءته. عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا قرأ ابن آدم آية السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى فيقول ياويله أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلى النار. وعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قرأ سورة الأعراف جعل الله تعالى يوم القيامة بينه وبين إبليس سترا وكان آدم عليه‌السلام شفيعا له يوم القيامة.

(تم الجزء الثالث ويليه الجزء الرابع وأوله سورة الأنفال)