(وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٧) وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (٤٨) أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (٤٩)
____________________________________
* عرف مستعار من عرف الفرس وقيل العرف ما ارتفع من الشىء فإنه بظهوره أعرف من غيره (رِجالٌ) طائفة من الموحدين قصروا فى العمل فيجلسون بين الجنة والنار حتى يقضى الله تعالى فيهم ما يشاء وقيل قوم علت درجاتهم كالأنبياء والشهداء والأخيار والعلماء من المؤمنين أو ملائكة يرون فى صور الرجال* (يَعْرِفُونَ كُلًّا) من أهل الجنة والنار (بِسِيماهُمْ) بعلامتهم التى أعلمهم الله تعالى بها كبياض الوجه وسواده فعلى من سام إبله إذا أرسلها فى المرعى معلمة أو من وسم بالقلب كالجاه من الوجه وإنما يعرفون ذلك* بالإلهام أو بتعليم الملائكة (وَنادَوْا) أى رجال الأعراف (أَصْحابَ الْجَنَّةِ) حين رأوهم (أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) * بطريق الدعاء والتحية أو بطريق الإخبار بنجاتهم من المكاره (لَمْ يَدْخُلُوها) حال من فاعل (نادَوْا) أو من* مفعوله وقوله تعالى (وَهُمْ يَطْمَعُونَ) حال من فاعل يدخلوها أى نادوهم وهم لم يدخلوها حال كونهم طامعين فى دخولها مترقبين له أى لم يدخلوها وهم فى وقت عدم الدخول طامعون (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ) أى إلى جهتهم وفى عدم التعرض لتعلق أنظارهم بأصحاب الجنة والتعبير عن تعلق* أبصارهم بأصحاب النار بالصرف إشعار بأن التعلق الأول بطريق الرغبة والميل الثانى بخلافه (قالُوا) * متعوذين بالله تعالى من سوء حالهم (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أى فى النار وفى وصفهم بالظلم دون ما هم عليه حينئذ من العذاب وسوء الحال الذى هو الموجب للدعاء إشعار بأن المحذور عندهم ليس نفى العذاب فقط بل مع ما يوجبه ويؤدى إليه من الظلم (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ) كرر ذكرهم مع كفاية* الإضمار لزيادة التقرير (رِجالاً) من رؤساء الكفار حين رأوهم فيما بين أصحاب النار (يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) * الدالة على سوء حالهم يومئذ وعلى رياستهم فى الدنيا (قالُوا) بدل من نادى (ما أَغْنى عَنْكُمْ) ما إما الاستفهامية* للتوبيخ والتقريع أو نافية (جَمْعُكُمْ) أى أتباعكم وأشياعكم أو جمعكم للمال (وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) ما مصدرية أى ما أغنى عنكم جمعكم واستكباركم المستمر عن قبول الحق أو على الخلق وهو الأنسب بما بعده وقرىء تستكثرون من الكثرة أى من الأموال والجنود (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) من تتمة قولهم للرجال والإشارة إلى ضعفاء المؤمنين الذين كانت الكفرة يحتقرونهم فى الدنيا ويحلفون صريحا أنهم لا يدخلون الجنة أو يفعلون ما ينبىء عن ذلك كما فى قوله تعالى (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ* مِنْ زَوالٍ (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) تلوين للخطاب وتوجيه له إلى أولئك المذكورين أى ادخلوا الجنة على رغم