(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٢٠١)
____________________________________
لكل من يواجهها وقيل ضمير الفاعل فى تراهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وضمير المفعول على حاله وقيل للمشركين على أن التعليل قدتم عند قوله تعالى (لا يَسْمَعُوا) أى وترى المشركين ينظرون إليك والحال أنهم لا يبصرونك كما أنت عليه وعن الحسن أن الخطاب فى قوله تعالى (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) للمؤمنين على أن التعليل قد تم عند قوله تعالى (يَنْصُرُونَ) أى وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين إلى الإسلام لا يلتفتوا إليكم ثم خوطب صلىاللهعليهوسلم بطريق التجريد بأنك تراهم ينظرون إليك والحال أنهم لا يبصرونك حق الإبصار تنبيها على ١٩٩ أن ما فيه صلىاللهعليهوسلم من شواهد النبوة ودلائل الرسالة من الجلاء بحيث لا يكاد يخفى على الناظرين (خُذِ الْعَفْوَ) بعد ما عد من أباطيل المشركين وقبائحهم ما لا يطاق تحمله أمر صلىاللهعليهوسلم بمجامع مكارم الأخلاق التى من جملتها الإغضاء عنهم أى خذ ما عفا لك من أفعال الناس وتسهل ولا تكلفهم ما يشق عليهم من العفو الذى هو ضد الجهد أو خذ العفو من المذنبين أو الفضل من صدقاتهم وذلك قبل وجوب الزكاة* (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) بالجميل المستحسن من الأفعال فإنها قريبة من قبول الناس من غير نكير (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) من غير مماراة ولا مكافأة قيل لما نزلت سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم جبريل عليهالسلام فقال لا أدرى حتى أسأل ثم رجع فقال يا محمد إن ربك أمرك أن تصل من قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك وعن جعفر الصادق أمر الله تعالى نبيه بمكارم الأخلاق وروى أنه لما نزلت الآية ٢٠٠ الكريمة قال صلىاللهعليهوسلم كيف يا رب والغضب متحقق فنزل قوله تعالى (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) النزغ والنسغ والنخس الغرز شبهت وسوسته للناس وإغراؤه لهم على المعاصى بغرز السائق لما يسوقه وإسناده إلى النزغ من قبيل جد جده أى وإما يحملنك من جهته وسوسة ما على خلاف ما أمرت به* من اعتراء غضب أو نحوه (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) فالتجىء إليه تعالى من شره (إِنَّهُ سَمِيعٌ) يسمع استعاذتك* به قولا (عَلِيمٌ) يعلم تضرعك إليه قلبا فى ضمن القول أو بدونه فيعصمك من شره وقد جوز أن يراد بنزغ الشيطان اعتراء الغضب على نهج الاستعارة كما فى قول الصديق رضى الله عنه إن لى شيطانا يعترينى ففيه زيادة تنفير عنه وفرط تحذير عن العمل بموجبه وفى الأمر بالاستعاذة بالله تعالى تهويل لأمره وتنبيه على أنه من الغوائل الصعبة التى لا يتخلص من مضرتها إلا بالالتجاء إلى حرم عصمته عزوجل وقيل يعلم ما فيه صلاح أمرك فيحملك عليه أو سميع بأقوال من آذاك عليم بأفعاله فيجازيه ٢٠١ عليها (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) استئناف مقرر لما قبله ببيان أن ما أمر به صلىاللهعليهوسلم من الاستعاذة بالله تعالى سنة* مسلوكة للمتقين والإخلال بها ديدن الغاوين أى إن الذين اتصفوا بوقاية أنفسهم عما يضرها (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) أدنى لمة منه على أن تنوينه للتحقير وهو اسم فاعل من طاف يطوف