(فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠) يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢) قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣٣)
____________________________________
(فَرِيقاً هَدى) بأن وفقهم للإيمان (وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) بمقتضى القضاء السابق التابع للمشيئة* المبنية على الحكم البالغة وانتصابه بفعل مضمر يفسره ما بعده أى وخذل فريقا (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ) تعليل لخذلانه أو تحقيق لضلالتهم (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) فيه دلالة على أن الكافر المخطىء والمعاند سواء فى استحقاق الذم وللفارق أن يحمله على المقصر فى النظر (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ) أى ثيابكم لمواراة عورتكم (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أى طواف أو صلاة ومن السنة أن يأخذ الرجل* أحسن هيئته للصلاة وفيه دليل على وجوب ستر العورة فى الصلاة (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) مما طاب لكم. روى أن بنى عامر كانوا فى أيام حجهم لا يأكلون الطعام إلا قوتا ولا يأكلون دسما يعظمون بذلك حجهم* فهم المسلمون بمثله فنزلت (وَلا تُسْرِفُوا) بتحريم الحلال أو بالتعدى إلى الحرام أو بالإفراط فى الطعام والشره عليه وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف* ومخيلة وقال على بن الحسين بن واقد جمع الله الطب فى نصف آية فقال كلوا واشربوا ولا تسرفوا (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) أى لا يرتضى فعلهم (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ) من الثياب وما يتجمل به (الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ) من النبات كالقطن والكتان والحيوان كالحرير والصوف والمعادن كالدروع (وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) أى المستلذات من المآكل والمشارب وفيه دليل على أن الأصل فى المطاعم والملابس وأنواع* التجملات الإباحة لأن الاستفهام فى من إنكارى (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بالأصالة والكفرة* وإن شاركوهم فيها فبالتبع (خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) لا يشاركهم فيها غيرهم وانتصابه على الحالية وقرىء بالرفع* على أنه خبر بعد خبر (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أى مثل هذا التفصيل نفصل سائر الأحكام لقوم يعلمون ما فى تضاعيفها من المعانى الرائقة (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) أى ما تفاحش قبحه من* الذنوب وقيل ما يتعلق منها بالفروج (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) بدل من الفواحش أى جهرها وسرها (وَالْإِثْمَ) * أى ما يوجب الإثم وهو تعميم بعد تخصيص وقيل هو شرب الخمر (وَالْبَغْيَ) أى الظلم أو الكبر أفرد بالذكر