(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٢٧)
____________________________________
كان ذلك لهما روحا وسلامة كالنار لإبراهيم وملائكة العذاب عليهمالسلام وروى أن هرون مات فى التيه ومات موسى بعده فيه بسنة ودخل يوشع أريحا بعد موته بثلاثة أشهر ولا يساعده ظاهر النظم الكريم فإنه تعالى بعد ما قبل دعوته على بنى إسرائيل وعذبهم بالتيه بعيد أن ينجى بعض المدعو عليهم أو ذراريهم ويقدر وفاتهما فى محل العقوبة ظاهرا وإن كان ذلك لهما منزل روح وراحة وقد قيل إنهما لم يكونا معهم فى التيه وهو الأنسب بتفسير الفرق بالمباعدة ومن قال بأنهما كانا معهم فيه فقد فسر* الفرق بما ذكر من الحكم بما يستحقه كل فريق (فَلا تَأْسَ) فلا تحزن (عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) روى أنه عليهالسلام ندم على دعائه عليهم فقيل لا تندم ولا تحزن فإنهم أحقاء بذلك لفسقهم (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) عطف على مقدر تعلق به قوله تعالى (وَإِذْ قالَ مُوسى) الخ وتعلقه به من حيث إنه تمهيد لما سيأتى من جنايات* بنى إسرائيل بعد ما كتب عليهم ما كتب وجاءتهم الرسل بما جاءت به من البينات (نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ) هما قابيل وهابيل. ونقل عن الحسن والضحاك أنهما رجلان من بنى إسرائيل بقرينة آخر القصة وليس كذلك أوحى الله عزوجل إلى آدم أن يزوج كلا منهما توأمة الآخر وكانت توأمة قابيل أجمل واسمها أقليما فحسد عليها أخاه وسخظ وزعم أن ذلك ليس من عند الله تعالى بل من جهة آدم عليهالسلام فقال لهما عليهالسلام قربا قربانا فمن أيكما قبل تزوجها ففعلا فنزلت نار على قربان هابيل فأكلته ولم تتعرض* لقربان قابيل فازداد قابيل حسدا وسخطا وفعل ما فعل (بِالْحَقِّ) متعلق بمحذوف وقع صفة لمصدر محذوف أى تلاوة ملتبسة بالحق والصحة أو حالا من فاعل اتل أو من مفعوله أى ملتبسا أنت أو نبأهما* بالحق والصدق حسبما تقرر فى كتب الأولين (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) منصوب بالنبأ ظرف له أى اتل قصتهما ونبأهما فى ذلك الوقت وقيل بدل منه على حذف المضاف أى اتل عليهم نبأهما نبأ ذلك الوقت ورد عليه بأن إذ لا يضاف إليها غير الزمان كوقتئذ وحينئذ والقربان اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى من نسك أو صدقة كالحلوان اسم لما يحلى أى يعطى وتوحيده لما أنه فى الأصل مصدر وقيل تقديره إذ قرب كل* منهما قربانا (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) هو هابيل قيل كان هو صاحب ضرع وقرب جملا سمينا فنزلت نار* فأكلته (وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) هو قابيل قيل كان هو صاحب زرع وقرب أردا ما عنده من القمح فلم* تتعرض له النار أصلا (قالَ) استئناف مبنى على سؤال نشأ من سوق الكلام كأنه قيل فماذا قال من لم* يتقبل قربانه فقيل قال لأخيه لتضاعف سخطه وحسده لما ظهر فضله عليه عند الله عزوجل (لَأَقْتُلَنَّكَ) * أى والله لأقتلنك بالنون المشددة وقرىء بالمخففة (قالَ) استئناف كما قبله أى قال الذى تقبل قربانه لما* رأى أن حسده لقبول قربانه وعدم قبول قربان نفسه (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ) أى القربان (مِنَ الْمُتَّقِينَ) لا من غيرهم وإنما تقبل قربانى ورد قربانك لما فينا من التقوى وعدمه أى إنما أتيت من قبل نفسك لا من