بالرمز إلى أن لهم حظا من خلقه عليهالسلام وتصويره لما أنهما ليسا من الخصائص المقصورة عليه عليهالسلام كسجود الملائكة له عليهالسلام بل من الأمور السارية إلى ذريته جميعا إذ الكل مخلوق فى ضمن خلقه على نمطه ومصنوع على شاكلته فكأنهم الذى تعلق به خلقه وتصويره أى خلقنا أباكم آدم طينا غير مصور ثم صورناه أبدع تصوير وأحسن تقويم سار إليكم جميعا (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) صريح* فى أنه ورد بعد خلقه عليه الصلاة والسلام وتسويته ونفخ الروح فيه أمر منجز غير الأمر المعلق الوارد قبل ذلك بقوله تعالى فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين وهو المراد بما حكى بقوله تعالى وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم الآية فى سورة البقرة وسورة بنى إسرائيل وسورة الكهف وسورة طه من غير تعرض لوقته وكلمة ثم ههنا تقتضى تراخيه عن التصوير من غير تعرض لبيان ما جرى بينهما من الأمور وقد بينا فى سورة البقرة أن ذلك ظهور فضل آدم عليهالسلام بعد المحاورة المسبوقة بالإخبار باستخلافه عليهالسلام حسبما نطق به قوله عزوجل وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة إلى قوله وما كنتم تكتمون فإن ذلك أيضا من جملة ما نيط به الأمر المعلق من التسوية ونفخ الروح وعدم ذكره عند الحكاية لا يقتضى عدم ذكره عند وقوع المحكى كما أن عدم ذكر الأمر المعلق عند حكاية الأمر المنجز لا يستلزم عدم مسبوقيته به فإن حكاية كلام واحد على أساليب مختلفة يقتضيها المقام ليست بعزيزة فى الكلام العزيز فلعله قد ألقى إلى الملائكة عليهمالسلام أولا جميع ما يتوقف عليه الأمر المنجز إجمالا بأن قيل مثلا إنى خالق بشرا من طين وجاعل إياه خليفة فى الأرض فإذا سويته ونفخت فيه من روحى وتبين لكم فضله فقعوا له ساجدين فخلقه فسواه فنفخ فيه من روحه فقالوا عند ذلك ما قالوا أو ألقى إليهم خبر الخلافة بعد تحقق الشرائط المذكورة بأن قيل إثر نفخ الروح إنى جاعل هذا خليفة فى الأرض فهنالك ذكروا فى حقه عليهالسلام ما ذكروا فأيده الله تعالى بتعليم الأسماء فشاهدوا منه عليهالسلام ما شاهدوا فعند ذلك ورد الأمر المنجز اعتناء بشأن المأمور به وإيذانا بوقته وقد حكى بعض الأمور المذكورة فى بعض المواطن وبعضها فى بعضها اكتفاء بما ذكر فى كل موطن عما ترك فى موطن آخر والذى يرفع غشاوة الاشتباه عن البصائر السليمة أن ما فى سورة ص من قوله تعالى إذ قال ربك للملائكة الآيات بدل من قوله إذ يختصمون فيما قبله من قوله ما كان لى من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون أى بكلامهم عند اختصامهم ولا ريب فى أن المراد بالملأ الأعلى الملائكة وآدم عليهمالسلام وإبليس حسبما أطبق عليه جمهور المفسرين وباختصامهم ما جرى بينهم فى شأن الخلافة من التقاول الذى من جملته ما صدر عنه عليهالسلام من الإنباء بالأسماء ومن قضية البدلية وقوع الاختصام المذكور فى تضاعيف ما شرح فيه مفصلا من الأمر المعلق وما علق به من الخلق والتسوية ونفخ الروح فيه وما ترتب عليه من سجود الملائكة وعناد إبليس ولعنه وإخراجه من بين الملائكة وما جرى بعده من الأفعال والأقوال وإذ ليس تمام الاختصام بعد سجود الملائكة ومكابرة إبليس وطرده من البين لما عرفت من أنه أحد المختصمين كما أنه ليس قبل الخلق ضرورة فإذن هو بعد نفخ الروح وقبل السجود بأحد الطريقين المذكورين والله تعالى أعلم (فَسَجَدُوا) أى الملائكة عليهمالسلام بعد الأمر من غير تلعثم (إِلَّا إِبْلِيسَ) استثناء متصل*