الثالث لأنه قسيم المشترك بين القسمين ، ولم يحتج إليه الرابع لإفصاحه بأنه قسيم المشترك بين الأقسام المتقدمة. (إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) فيفعل ما يفعل بحكمة واختيار.
(وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)(٥١)
(وَما كانَ لِبَشَرٍ) وما صح له. (أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً) كلاما خفيا يدرك لأنه بسرعة تمثيل ليس في ذاته مركبا من حروف مقطعة تتوقف على تموجات متعاقبة ، وهو ما يعم المشافه به كما روي في حديث المعراج ، وما وعد به في حديث الرؤية والمهتف به كما اتفق لموسى في طوى والطور ، ولكن عطف قوله : (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) عليه يخصه بالأول فالآية دليل على جواز الرؤية لا على امتناعها. وقيل المراد به الإلهام والإلقاء في الروع أو الوحي المنزل به الملك إلى الرسل فيكون المراد بقوله : (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) أو يرسل إليه نبيا فيبلغ وحيه كما أمره ، وعلى الأول المراد بالرسول الملك الموحي إلى الرسل ، ووحيا بما عطف عليه منتصب بالمصدر لأن (مِنْ وَراءِ حِجابٍ) صفة كلام محذوف والإرسال نوع من الكلام ، ويجوز أن يكون وحيا ويرسل مصدرين و (مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ظرفا وقعت أحوالا ، وقرأ نافع (أَوْ يُرْسِلَ) برفع اللام. (إِنَّهُ عَلِيٌ) عن صفات المخلوقين. (حَكِيمٌ) يفعل ما تقتضيه حكمته فيكلم تارة بوسط ، وتارة بغير وسط إما عيانا وإما من وراء حجاب.
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)(٥٣)
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) يعني ما أوحي إليه ، وسماه روحا لأن القلوب تحيا به ، وقيل جبريل والمعنى أرسلناه إليك بالوحي. (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) أي قبل الوحي ، وهو دليل على أنه لم يكن متعبدا قبل النبوة بشرع. وقيل المراد هو الإيمان بما لا طريق إليه إلا السمع. (وَلكِنْ جَعَلْناهُ) أي الروح أو الكتاب أو الإيمان. (نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) بالتوفيق للقبول والنظر فيه. (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) هو الإسلام ، وقرئ «لتهدى» أي ليهديك الله.
(صِراطِ اللهِ) بدل من الأول. (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا وملكا. (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) بارتفاع الوسائط والتعلقات ، وفيه وعد ووعيد للمطيعين والمجرمين.
عن النبي صلىاللهعليهوسلم «من قرأ حم عسق كان ممن تصلي عليه الملائكة ويستغفرون له ويسترحمون له».