بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها وهي الحسنة على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقا ، أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، وإنما أخرجه مخرج الاستئناف على أنه جواب من قال ؛ كيف أصنع؟ للمبالغة ولذلك وضع (أَحْسَنُ) موضع الحسنة. (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق.
(وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(٣٦)
(وَما يُلَقَّاها) وما يلقى هذه السجية وهي مقابلته الإساءة بالإحسان. (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) فإنها تحبس النفس عن الانتقام. (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) من الخير وكمال النفس وقيل الحظ العظيم الجنة.
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) نخس شبه به وسوسته لأنها تبعث الإنسان على ما لا ينبغي كالدفع بما هو أسوأ ، وجعل النزغ نازغا على طريقة جديدة ، أو أريد به نازغ وصفا للشيطان بالمصدر. (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شره ولا تطعه. (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لاستعاذتك. (الْعَلِيمُ) بنيتك أو بصلاحك.
(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (٣٧) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ)(٣٨)
(وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) لأنهما مخلوقان مأموران مثلكم. (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) الضمير للأربعة المذكورة ، والمقصود تعليق الفعل بهما إشعارا بأنهما من عداد ما لا يعلم ولا يختار. (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فإن السجود أخص العبادات وهو موضع السجود عندنا لاقتران الأمر به ، وعند أبي حنيفة آخر الآية الأخرى لأنه تمام المعنى.
(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) عن الامتثال. (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) من الملائكة. (يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي دائما لقوله : (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) أي لا يملون.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩) إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٤٠)
(وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) يابسة متطامنة مستعار من الخشوع بمعنى التذلل. (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) تزخرفت وانتفخت بالنبات ، وقرئ «ربأت» أي زادت. (إِنَّ الَّذِي أَحْياها) بعد موتها. (لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من الإحياء والإماتة.
(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ) يميلون عن الاستقامة. (فِي آياتِنا) بالطعن والتحريف والتأويل الباطل والإلغاء فيها. (لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا) فنجازيهم على إلحادهم. (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) قابل الإلقاء في النار بالإتيان آمنا مبالغة في إحماد حال المؤمنين. (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) تهديد شديد. (إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وعيد بالمجازاة.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ