(٥١) سورة والذاريات
مكية وآيها ستون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً) (٣)
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) يعني الرياح تذرو التراب وغيره ، أو النساء الولود فإنهن يذرين الأولاد ، أو الأسباب التي تذري الخلائق من الملائكة وغيرهم. وقرأ أبو عمرو وحمزة بإدغام التاء في الذال.
(فَالْحامِلاتِ وِقْراً) فالسحب الحاملة للأمطار ، أو الرياح الحاملة للسحاب ، أو النساء الحوامل ، أو أسباب ذلك. وقرئ «وقرا» على تسمية المحمول بالمصدر.
(فَالْجارِياتِ يُسْراً) فالسفن الجارية في البحر سهلا ، أو الرياح الجارية في مهابها ، أو الكواكب التي تجري في منازلها. و (يُسْراً) صفة مصدر محذوف أي جريا ذا يسر.
(فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ)(٦)
(فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) الملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها ، أو ما يعمهم وغيرهم من أسباب القسمة ، أو الرياح يقسمن الأمطار بتصريف السحاب ، فإن حملت على ذوات مختلفة فالفاء لترتيب الأقسام بها باعتبار ما بينها من التفاوت في الدلالة على كمال القدرة ، وإلا فالفاء لترتيب الأفعال إذ الريح مثلا تذرو الأبخرة إلى الجو حتى تنعقد سحابا ، فتحمله فتجري به باسطة له إلى حيث أمرت به فتقسم المطر. (إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ).
(وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) جواب القسم كأنه استدل باقتداره على هذه الأشياء العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة على اقتداره على البعث للجزاء الموعود ، وما موصولة أو مصدرية و (الدِّينَ) الجزاء والواقع الحاصل.
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ)(٩)
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) ذات الطرائق ، والمراد إما الطرائق المحسوسة التي هي مسير الكواكب أو المعقولة التي يسلكها النظار وتتوصل بها إلى المعارف ، أو النجوم فإن لها طرائق أو أنها تزينها كما يزين الموشي طرائق الوشي. جمع حبيكة كطريقة وطرق أو حباك كمثال ومثل. وقرئ «الحبك» بالسكون و «الحبك» كالإبل و «الحبك» كالسلك و «الحبك» كالجبل و «الحبك» كالنعم و «الحبك» كالبرق.
(إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) في الرسول صلىاللهعليهوسلم وهو قولهم تارة أنه (شاعِرٌ) وتارة أنه (ساحِرٍ) وتارة أنه (مَجْنُونٍ) ، أو في القرآن أو القيامة أو أمر الديانة ، ولعل النكتة في هذا القسم تشبيه أقوالهم في اختلافها وتنافي أغراضها بطرائق السّموات في تباعدها واختلاف غاياتها.
(يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) يصرف عنه والضمير للرسول أو القرآن أو الإيمان ، من صرف إذ لا صرف أشد