الحال أو المقال. وقيل الضمير للعابدين وهو كقوله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ).
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٨)
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) واضحات أو مبينات. (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ) لأجله وفي شأنه ، والمراد به الآيات ووضعه موضع ضميرها ووضع (الَّذِينَ كَفَرُوا) موضع ضمير المتلوّ عليهم للتسجيل عليها بالحق وعليهم بالكفر والانهماك في الضلالة. (لَمَّا جاءَهُمْ) حينما جاءهم من غير نظر وتأمل. (هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) ظاهر بطلانه.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) إضراب عن ذكر تسميتهم إياه سحرا إلى ذكر ما هو أشنع منه وإنكار له وتعجيب. (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ) على الفرض. (فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي إن عاجلني الله بالعقوبة فلا تقدرون على دفع شيء منها فكيف أجترئ عليه وأعرض نفسي للعقاب من غير توقع نفع ولا دفع ضر من قبلكم. (هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ) تندفعون فيه من القدح في آياته. (كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) يشهد لي بالصدق والبلاغ وعليكم بالكذب والإنكار ، وهو وعيد بجزاء إفاضتهم ، (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وعد بالمغفرة والرحمة لمن تاب وآمن وإشعار بحلم الله عنهم مع عظم جرمهم.
(قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ)(٩)
(قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) بديعا منهم أدعوكم إلى ما لا يدعون إليه ، أو أقدر على ما لم يقدروا عليه ، وهو الإتيان بالمقترحات كلها ونظيره الخف بمعنى الخفيف. وقرئ بفتح الدال على أنه كقيم أو مقدر بمضاف أي ذا بدع. (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) في الدارين على التفضيل إذ لا علم لي بالغيب ، و (لا) لتأكيد النفي المشتمل على ما يفعل بي (وَما) إما موصولة منصوبة أو استفهامية مرفوعة. وقرئ «يفعل» أي يفعل الله. (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) لا أتجاوزه ، وهو جواب عن اقتراحهم الإخبار عما لم يوح إليه من الغيوب ، أو استعجال المسلمين أن يتخلصوا من أذى المشركين. (وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ) من عقاب الله. (مُبِينٌ) بين الإنذار بالشواهد المبينة والمعجزات المصدقة.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(١٠)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) أي القرآن. (وَكَفَرْتُمْ بِهِ) وقد كفرتم به ، ويجوز أن تكون الواو عاطفة على الشرط وكذا الواو في قوله : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) إلا أنها تعطفه بما عطف عليه على جملة ما قبله ، والشاهد هو عبد الله بن سلام وقيل موسى عليه الصلاة والسلام وشهادته ما في التوراة من نعت الرسول عليه الصلاة والسلام. (عَلى مِثْلِهِ) مثل القرآن وهو ما في التوراة من المعاني المصدقة للقرآن المطابقة له ، أو مثل ذلك وهو كونه من عند الله. (فَآمَنَ) أي بالقرآن لما رآه من جنس الوحي مطابقا للحق. (وَاسْتَكْبَرْتُمْ) عن الإيمان. (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) استئناف مشعر بأن كفرهم به لضلالهم المسبب عن ظلمهم ، ودليل على الجواب المحذوف مثل ألستم ظالمين.