فلمّا انتهى كلامها انشقّ البيت وتساقطت
الأنوار ، وزجّها جبرئيل داخل الكعبة ، وغايت عن الأبصار ، وعادت الفتحة كما كانت
أوّلاً بإذن الله تعالى.
قال أبو طالب : فأشفقنا عليها من ذلك ، وأردنا
أن نفتح الباب لتصل إليها بعض نسائنا ، فلم نستطع أن نفتح الباب ، فعلمنا أنّ هذا
الأمر من الله سبحانه وتعالى.
قالت فاطمة : وجلستُ على الرّخامة
الحمراء ساعة ، وإذا أنا قد وضعت ولدي عليّ بن أبي طالب ، ولم أجد وجعاً ، ولا
ألماً.
فلمّا وضعته خرّ ساجداً لله ، ورفع يديه
إلى السماء يتضرّع إلى ربّه ، فبينما أنا أنظر إليه إلى ابتهاله إلى ربّه وأنا
متعجبة منه ، إذا أنا بخمس نساء كأنّهن الأقمار ، قد دخلنَ عليَّ ، وعليهنّ ثيابٌ
من الحرير والإستبرق ، ويفوح طيبهنّ كالمسك الأذفر (١) ، فقلنّ لي : «السلام عليك
يا بنت أسد» ثمّ جلسنَ بين يديَّ ومع إحداهنّ جُونة (٢) من فضّةٍ.
ثمّ التفت إليهنّ ولدي وسلّم عليهنّ
وحيّاههنّ بأحسن التحيّات ، وقال : أشهد ألا إله إلّا الله ، وحده لا شريك
له ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ، به تُختم النبوّة ، وبي تختم الولاية.
فتعجّبت النسوة منه ، ثمّ أخذنه واحدةٌ
واحدةٌ وقبّلنه ، ودار بينه وبينهنّ من السلام والتحيّة والكلام ما لا يعدو أن
يكون كرامة أو شبه إرهاص.
وهنّ : حواء ومريم ، وهي صاحبة الجُونة
، فطيّبته بها من طيب الجنّة ، وآسية إمرأة فرعون بنت مزاحم ، وسارة زوجة إبراهيم
صلّى الله عليه ، واُمّ موسى عليه السّلام.
__________________