ومثل السبط ابن الجوزي مثل السيّد ابن طاوس (ت ٦٦٤ هـ) في كتابه «الإقبال» حيث كان يذكر رواية ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة بصيغة المبني للمجهول فكان يقول : روي أن يوم ثالث عشر رجب كان مولد مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة (١).
والمتحصل من ذلك كلّه أنّ الولادة محل إجماعهم وتأريخها محل خلافهم.
وقفة المؤلّف مع الكازروني :
قال أحمد بن منصور الكازروني في (مفتاح الفتوح) : ولدت فاطمة عليّاً عليه السلام في الكعبة ، ونقل عنها أنّها كانت إذا أرادت أن تسجد لصنم وعليّ في بطنها لم يمكّنها ؛ ولذا يقال عند ذكر اسمه : «كرّم الله وجهه ، أي كرّم الله وجهه عن أن يسجد لصنم».
وهنا يقول الشيخ : أنا لا أُحاول تصديق الرجل في كل ما يقول غير ما أتيت به من كلامه شاهداً لموضوع الرسالة ، فإنّي لا اُصافقه على أنّ فاطمة كانت تسجد للصنم ، وإن كان ابنها أكبر وازع عن عبادة الأوثان ، ولو كنت اُجوّز لها تلكم الاُسطورة ، لما عداني اليقين بما ذكره من أمر جنينها ، لكنّي اعتقد أن كون الإمام سلام الله عليه في بطنها حملاً ، وتقدير كونها حاملاً له عليه السلام من الله سبحانه منذ الأزل ، كان عاصماً لها عن عبادة الأصنام كبرهان الربّ (العصمة) المانع يوسف عن الزنا ، وهذا هو الذي نعتقده في آباء النبيّ والأئمة عليهم وعليه السلام واُمهاتهم ، فهم مبرّؤون عمّا يصمهم في دين أو دنيا.
ثمّ قال : إنّا لا نقيم لهاتيك الرواية الساقطة وزناً ، وإن وافق راويها في إخراجها ابن حجر في (الصواعق) ولقد أُسرَّ ناقلها حَسواً في ارتغاء يزيد وقيعة في
__________________
(١) الإقبال : ٦٥٥.