وهنا راح يفرّق بين الولادة المزعومة لحكيم بن حزام داخل الكعبة وبين ولادة عليّ عليه السلام داخل الكعبة فيقول :
إن ولادة حكيم فيها ، على تقدير صحّتها ـ والكلام للمؤلّف ـ من جملة الصدف والاتّفاقات غير القصديّة ، فليس فيها فضل ما غير تلويث البيت بالمخاض ، ويجب تطهيره. وأين هذه من ولادة أمير المؤمنين عليه السلام الذي فُتح لاُمّه الباب ، كما في عبارة السبط نفسه (ففتح لها باب الكعبة فدخلت فيها) ، ولم يُفتح لغيرها بالرغم من جهدهم في ذلك كما سبق في أحاديث كثيرة ، أو انشقّ لها جدار البيت فدخلته كما في أحاديث الشيعة ، ولا يعدو ذلك أن يكون الأمر إلهيّاً قصد به التنويه بشرف المولود المبارك الذي شرَّف البيت بولادته فيه!
وهناك حديث طويل أخرجه أبو نعيم الحافظ يبدو أنّه في فضل فاطمة بنت أسد أو في فضل ولادة علي داخل الكعبة إلّا أنّهم قالوا : «في إسناده رَوح بن صلاح ضعّفه ابن عديّ فلذلك لم نذكره».
وروح هذا في الوقت الذي ضعّفه ابن عدي فإنّ ابن حبّان ذكره في الثقات كما أنّ الحاكم قال عنه : ثقة مأمون (١).
كما أنّ نقل ابن الجوزي حديث الولادة المباركة لعليّ عليه السلام داخل الكعبة بصيغة المجهول «روي» لم يكن به ـ والكلام للشيخ ـ أيّ إيعاز إلى الوهن فيه بعدما عرفنا أنّ المعهود من ابن الجوزي في غير مورد من هذا الكتاب من إرداف الحديث بنقده أو تعميمه أو حذفه رأساً لضعفه ، وإنّما جاء به كذلك لتكثر طرقه الموجب للإطناب إذا تصدّى لسردها ، ولشهرته المغني عن ذكر الأسانيد ، وإنّما الغرض الإشارة إلى إحدى المسلّمات بأوجز بيان.
__________________
(١) انظر العسقلاني في لسان الميزان ٢ : ٤٥٦.