ويدلّ على ذلك أيضاً ما جاء في رواية ولادة اُم حكيم من لفظ : (أعجلها الولاد) و (ولدت على النطع) كما جاء في رواية مصعب بن عثمان التي يقول فيها : دخلت اُمّ حكيم بن حزام الكعبة مع نسوةٍ من قريش ، وهي حامل متمّ بحكيم بن حزام ، فضربها المخاض في الكعبة ، فأُتيت بنطعٍ حيثُ أُعجلها الولاد ، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع (١).
ولو تهيّأت أُمّ حكيم للولادة لما جعلت ثيابها لَقىً ، كما جاء في رواية عبد الله بن أبي سليمان عن أبيه ، قال : إنّ فاختة ابنة زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى ـ وهي اُمّ حكيم بن حزام ـ دخلت الكعبة وهي حامل ، فأدركها المخاض فيها ، فولدت حكيماً في الكعبة ، فحملت في نطع ، واُخذ ما تحت مَثبرها (٢) فغُسل عند حوض زمزم ، واُخذت ثيابها التي ولدت فيها ، فجُعلت لقىً (٣).
وعليه فإنّ ولادة حكيم بن حزام لا يترتّب عليها أدنى فضل أو مكرمة سوى طهارة المكان الذي وُلِدَ فيه وشرفِهِ.
بينما اكتسبت ولادة أمير المؤمنين عليه السلام أهميّتها بشرف الاصطفاء الإلهي والمشيئة الربّانية لا بخصوص فضل المكان وحسب.
فإذا كان حكيم بن حزام قد سبق بفضل المكان بمحض المصادفة والاتّفاق ، فإنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد تفرّد بشرف المكان وبكيفية الولادة على وفق الإرادة الإلهية والعناية الربانية.
الاتّجاه الثاني :
إنّ أصحاب هذا الاتّجاه قد أمعنوا في إنكار هذه الفضيلة على الرغم من كونها من الحقائق الناصعة والمسلّمة تاريخيّاً.
__________________
(١) جمهرة نسب قريش (لابن بكار) ١ : ٣٥٣.
(٢) المثبر : الموضع الذي تلد فيه المرأة.
(٣) أخبار مكة (للأزرقي) ١ : ١٧٤.